القـطا
القطا جمع قطاة طائر من الطيور البرية المعروفة في الجزيرة العربية و متوسط الحجم يميزه منقاره القصير و جناحه الطويل و لون ريشه التمويهي و عينيه السوداوتان كما أنَّ القطا لا يحل على الأشجار فهو طائر يحب المشي على الأرض و يبني عشه في السيح أو الأرض السهلية و يضع ثلاث بيضات كحدٍ أقصى في المرة الواحدة لونها مائل للوردي و تكون فترة الحضانة من 20 إلى 30 يوماً , و القطا معروف بمشيته الجميلة المتمائلة و يبحث دائماً عن غدران المياه لأنَّه يشربُ الماءَ في يومه مرتان أو ثلاث مرّات و دائماً تراه يطير في جماعات و أسراب و إذا وجد غدير فلا يهبط كل السرب للشرب بل تهبط مجموعة من السرب لتشرب بينما يظل السرب يحلّق بشكل دوراني حول الغدير للمراقبة فإذا ارتوت المجموعة الأولى عادت لتنضم للسرب و تنزل مجموعةٌ أخرى لتشرب و هكذا و هذا إنْ دلَّ فإنَّما يدل على أمرين , الأول أنَّ القطا طائر جماعي متعاون مع بعضه البعض و الأمر الثاني أنَّ القطا حذر جداً و من المعروف عنه أيضاً سرعة طيرانه و مقدرته القوية بالعودة إلى عشِّه حتى ولو قطع مئات الكيلومترات و قد ورد ذكر القطاة في الحديث الشريف لسيدنا محمد صلى الله عليه و سلَّم إذْ قال :
« مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ أَوْ أَصْغَرَ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِى الْجَنَّةِ ».
و المفحص هو المكان الذي تبني فيه القطاةُ عِشَّها و في ذلك كناية عن الصغر أيْ أنَّك إذا بنيتَ مسجداً لله تعالى حتى و لو كان غايةً في الصغر فإنَّ الله يبني لك به بيتاً في الجنَّة , و في الحقيقة أنَّ الكثير من المسلمين و لا سيّما المهتمين بأمور الدين ربما يتساءلون ... (( لماذا اختار الرسول - ص - القطاه دون الطيور الأخرى في هذا الحديث ؟ )) و الجواب يكمن في أنَّ القطاة تبني مفحصها على الأرض و ليس على أغصان الأشجار كالطيور الأخرى التي تبني أعشاشها و لذلك فالمسجد يبنى أيضاً على الأرض و ليس على الشجر و هذا من بلاغة سيدي و حبيبي رسول الله محمد صلى الله عليه و سلم .
و ربما يتساءل المهتمون ما هو المفحص و هل هو نفسه العش ؟ و الجواب : لا العش تبنيه بعض الطيور من القش و الحشائش و غالباً على الأغصان أو فوق الأماكن المرتفعة كالجبال و البيوت و غيرها أمّا المفحص فهو حفرة بسيطة عمقها بين الـ 5 سم و 15 سم و للتقريب فإنَّ مفحص القطاة كمفحص الدجاجة فالدجاجة لا تبني عشاً لبيضها و إنما تحفر مفحصاً له .
و قد تغنّى شعراء الإمارات بمشية القطا , و في ذلك قالت فتاة العرب :
أمسى غـثيث ارقادي |
|
يوم اهيِعَـتْ لعـيـون |
ساهر و طَـلِّ النـادي |
|
حَـرَّكْ علي اشْـجـون |
و تسترسل في القصيدة لقولها : |
|
مشي القـطا في وادي |
|
توح اجْـدِمِه بالهـون |
كما قال الدكتور مانع بن سعيد العتيبة ( ابن خال فتاة العرب ) :
بو جسيم اليـوم سيَّـرنا |
|
صوبْ غِـرٍ حِلْوِ مَنطوقه |
و ابْتِـهَـتْـنا يوم عايـنّا |
|
لي جماله ما حَّدِ ايْـفوقه |
و يسترسل في القصيدة لقوله : |
|
لي مِشى له في المَشي فنّا |
|
كالقطا لي يَدْرز اطْـروقه |
و في قوله يدرز أي تصوير لكيفية المشي فكلمة يدرز مشتقة من الدرزي أو الترزي أي الخياط فكأنما المشية تشبه عملية إدخال الإبرة و سحبها من الثياب و في ذلك إشارة لمشية القطاة الجميلة .
عودة
الى القائمة
|