مصطلحات في عالم التدقيق
الحيادية , الاستقلالية , الموضوعية , النزاهة
تتداخلُ هذه المصطلحاتُ في بعضِ جوانبِ معانيها مع بعضِها ولكنْ تظلُ هناكَ فوارقُ بينَها تميّزُ كُلَّ مصطلحٍ عَنْ أخيه , و يسعدني اليومَ إلقاءُ الضوءِ على هذه المصطلحاتِ التي لها أهميةٌ بالغةٌ في عالمِ تدقيقِ الحسابات.
الحيادية : لها جانبان .. عدم التحيّز لأي طرفٍ من الأطراف قولاً أو فعلاً من جانب و عدم التحامل قولاً أو فعلاً من جانبٍ آخر و الحيادية تعتبر أحد أركان العدالة.
مَثَل : الحَكَمُ في المباريات , فالحكم يجب أنْ يكون محايداً و غير متحيّزٍ لأي الفريقين و بالتالي فإنَّ الحيادية تعتبر المطلب الأول الذي يجب أنْ يتوافر في الحَكَم قبل الإلمام بأحكام اللعبة.
و كذلك المدقق يجب أنْ يكونَ محايداً لا يتحيَّز لصالح الجهة التي يدققها على حساب موظفيها و لا العكس و لا يتحيّز لصالح عميل على حساب الجهة التي يدققها و لا العكس
الموضوعية : أنْ يُرى الموضوع بدون تأثير من الذاتية أيْ بدون أنْ تؤثر أهواء الرائي على الموضوع. فتأخذْ النظرة بالمنطق و الواقع بدون أي تَأَثُّر بالذاتية.
و مؤثرات الذاتية هي : الأهواء و الميول و الأحقاد و الحسد و التعصُّب و الخلفيات و الطبع. ( و كما قيل ... كلٌ يرى بعين طبعه . و هذا خطأ يجب تجنبه )
مثل:
جيءَ بسبعة مشتبهين في قضية سرقة إلى ضابط شرطة بينهم مطرب و قبيح و صاحب سابقة . و كان الضابط يحب الغناء و يكره القبح و مطلع على خلفيات المشتبهين ... فإذا كان الضابطُ موضوعياً فلا يجب أنْ تتأثر تصرفاته مع المشتبهين سلباً أو إيجاباً تأثُراً بالذاتية و إذا تأثر بالذاتية فلربما يجامل المطرب لكونه يحب الغناء و يكونُ خشناً مع القبيح لكونه يكره القبح و يعامل صاحب السابقة معاملة المتهم تأثراً بالخلفية التي يعلمها عنه.
و كذلك المدقق يجب أنْ تكون نظرته مجرّدة من تأثيرات الذاتية عند تدقيقه لأي موضوع.
الاستقلالية: و الاستقلالية تعني عدم تأثر رأي المدقق بطرفٍ ثالث .. طوعاً أو كرهاً أو مشاركةً .. لا بعصاً و لا جزرة ... لا بالترغيب و لا بالترهيب.
و تعتبر الاستقلالية إحدى العلامات الفارقة بين التدقيق الداخلي و الخارجي فالاستقلالية تكون ضعيفة جداً في التدقيق الداخلي و قوية في التدقيق الخارجي و أقوى ما تكون في التدقيق الحكومي.
فهاجس المدقق الداخلي بطش الإدارة به إذا تعدى خطوطاً حمراء , إما بالضرر أو حجب منفعة إما بالفصل أو عدم الترقية و من هنا تأثرت استقلالية المدقق الداخلي لكونه يتبع الإدارة التي يدققها في راتبه و علاواته و مكافآته و إجازاته لذلك فاستقلاليته ضعيفة.
و هاجس المدقق الخارجي عدم تجديد عقد التدقيق مع العميل في السنة القادمة ولكن هذا التخوف أقل من تخوف المدقق الداخلي لأنَّ الضرر الذي قد يقع على المدقق الداخلي قد يقع مباشرةً عليه ولكن الضرر الذي قد يقع على المدقق الخارجي قد يقع على شركة تدقيق الحسابات التي يعمل لديها. و بالتالي فالضرر غير مباشر.
أما مدقق الحكومة فلا يخشى ما يخشاه المدقق الداخلي و لا الخارجي. و بذلك يكون التدقيق الحكومي أقوى استقلالاً من التدقيق الداخلي و الخارجي .
النزاهة : البعد عن السوء وترك الشبهات والنزيه من ابتعد عن الرذائل. و في عالم التدقيق يُشار إلى المدقق النزيه بابتعاده عن الرشاوي بجميع أشكالها و كذلك المجاملات.
و عندما أقول (( الرشاوي بجميع أشكالها )) فإنني أعني التالي:
1) الرشاوي النقدية.
2) الرشاوي العينة.
3) الرشاوي المصلحية.
فالرشوة النقدية هي استلام المدقق مبلغٍ نقدي مقابل تركه و تجاوزه عما لا ينبغي تركه و تجاوزه و الرشوة العينية تمليك المدقق شقة أو سيارة أو بيت أو أرض مجاناً أو بأقل من القيمة السوقية . و الرشوة المصلحية تقديم خدمة للمدقق يصعب عليه تحقيقها في الأوضاع العادية مثل منح المدقق ترخيص ممنوع أو موقوف أو تعيين ابن المدقق في إحدى الجهات التي يدققها أو ترقية ابن المدقق المعيَّن سلفاً أو إعفاء المدقق من غرامة أو رسم أو ضريبة.
كل هذه الأمور تمس النزاهة فالمدقق يجب أنْ يكون أبعد عن الشخص العادي عن هذه الأمور فإذا كان الشخص العادي بعيد كيلومتر فيجب على المدقق أنْ يكون أبعد بـ 10 كيلومتر.
هذا و تقبلوا منّي أطيبَ تحية
محمد سيف العتيبة بو بطي الأحد 24-11-2013م
عزيزي القارئ إذا أردت تنزيل المقال بصيغة PDF فاضغط هنا |