مقلة المدير ترمق ( البونص ) العسير

مقلة المدير ترمق ( البونص ) العسير

 

قبل أنْ نبدأ الموضوع يجب أنْ نوضح ما هو الـ ( بونص bonus  ) .... تلك الكلمة الأجنبية .... ما هو البونص و متى يُدفع و لمن يُدفع و كيف يُدفع و ما طبيعته وما الهدف من دفعه و ما مدى قانونيته و هل له معايير ؟

ما هو البونص ؟ 

البونص كلمة أجنبية تدل على المكافأة المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالنتائج المحققة للشركة أو المنشأة .

متى يُدفع البونص ؟  

عادةً ما يُدفع بعد النظر في النتائج المحققة إمّا بعد كل شهر و إماّ بعد انتهاء السنة المالية .

لمن يُدفع البونص ؟  

يُدفع البونص للشخصية الحقيقية و لا يدفع للشخصية الاعتبارية أيْ يُدفَع لأي موظف من الموظفين العاديين أو للمدراء التنفيذيين أو للمدير العام . و لا يمكن أنْ يدفع البونص لمن لا يعمل بالشركة .

كيف يدفع ؟   

يدفع البونص للموظف بشكل منفصل عن راتبه الشهري أو مع راتبه الشهري حسب سياسة الشركة .

ما هي طبيعة البونص ؟  

من الممكن أنْ يكون نقداً و من الممكن أنْ يكون على شكل أسهم ( إذا كانت شركة مساهمة ) حسب سياسة الشركة. و لا يكون البونص عيني كأنْ يتم توزيع أقلام أو فانيلات أو لاب توب على الموظفين و يتصف البونص بالدورية ما لم تحقق الشركة خسائر كما يتصف البونص بعدم ثبات مبلغه لأنَّ البونص مرتبط بالنتائج ( الأرباح ) و النتائج تتغير من شهر إلى آخر و من سنة لأخرى فلا يعقل أنَّ شركةً ما تحقق نفس الأرباح كل سنة بالضبط فكل سنة تختلف علن سابقتها بالزيادة أو النقصان و هذا هو الطبيعي .

وما الهدف من دفع البونص ؟   

الهدف من دفع البونص هو تحفيز العاملين على العمل و تحقيق النتائج المرجوة و بلوغ الأهداف المرسومة.

 

 

ما مدى قانونية البونص ؟

تعتمد قانونية البونص ( مشروعيته ) على القوانين المنظمة له و تنقسم القوانين إلى داخلية أي داخل الشركة أو المنشأة و خارجية كوزارة الاقتصاد و التجارة . و هذا يختلف من دولة لأخرى ففي بعض الدول تقوم وزارة الإقتصاد بوضع الإطار العام للبونص و تقوم الشركة بصياغة نظام البونص بحيث لا يخرج عن الإطار المرسوم من قبل الدولة إلاّ أنَّ معظم دول العالم لا تتدخل في موضوع البونص و تنظر إليه أنَّه يقع ضمن السياسات الداخلية لأي منشأة ... خصوصاً المنشآت الفردية, بيد أننا نلحظ وجود فراغٍ واضح في تنظيم البونص في كثيرٍ من الشركات الأمر الذي يترتب عليه عدم قانونية صرف أي مبلغ لأي موظف بصفة بونص .

كما تترك بعض التنظيمات تحديد نسبة البونص ليتم تحديدها من قبل مجلس الإدارة المنتخب من مالكي الأسهم و ليس المعينين من قبل الحكومة .

و من المحتمل جداً أنْ يحدَّد البونص للوظائف العادية من قبل المدير العام بقرارٍ دائم أو بقرارٍ يجدد بشكل سنوي بناءً على المعطيات .

ما معايير البونص ؟

عادةً ما يُـنَـصُّ على معايير البونص في النظم المجيزة له , و المعايير تختلف اختلافاً جذرياً بين منشأةٍ و أخرى ما لم تسرق بعض المنشآت من بعضها النظم و القوانين التي تنظم العمل .

بعض الأمثلة على معايير البونص :

أولاً : موظف مبيعات حددت له الإدارة العليا البونص على النحو التالي :

المبلغ بالألف درهم

المبيعات الشهرية

أقل من 50

من 51 إلى 200

من 201 إلى 400

أكثر من 400

نسبة البونص من البيع

لا شيء

0.5 %

1%

1.5%

 

ثانياً : نص تنظيم البونص في إحدى المنشآت على صرف راتب شهر لكل الموظفين إذا تجاوزت أرباح السنة 30% من أرباح السنة السابقة و راتبين إذا تجاوزت أرباح السنة 50% من أرباح السنة السابقة .

 

 

ما هو الشاذ في موضوع البونص ؟  

جرى العرف العالمي على ارتباط البونص بمدى تحقيق الأرباح إلاّ أنَّ هناك حالات شاذة تم ربط البونص فيها بالأداء بغض النظر عن الربحية , و علل المنادون بصحة هذا الارتباط إلى أنَّ الأرباح قد تخضع لعوامل عديدة قد لا يكون بعضها مرتبطاً بأدائهم و في الحقيقة أنَّ هذا الأمر صحيح 100% .

مثل يوضح فكرة المناداة :

مصنع ( الضفدع الأنيق ) ينتج 50 طن من خيوط القطن سنوياً المستخدمة في صناعة المنسوجات و يبيع الطن بمبلغ 10,000 درهم , هذا منذ تأسيس المصنع و حتى سنة 2009 .

في سنة 2010 زاد الموظفون جهدهم و ساعات الدوام و تمكن المصنع من إنتاج 70 طن و بالمقابل زاد العرض في السوق بالمصادفة من قبل المصانع الأخرى مما أدى إلى زيادة العرض و ثبات الطلب. الأمر الذي أدى بدوره إلى انخفاض سعر البيع من 10,000 درهم إلى 6,000 درهم للطن الواحد .

دعونا نقارن بين سنة 2009 و 2010 .

السنة

كمية الإنتاج

سعر الطن

القيمة الإجمالية للبيع

أرباح السنة*

2009

50 طن

10,000 درهم

500,000 درهم

200,000 درهم

2010

70 طن

6,000 درهم

420,000 درهم

120,000 درهم

* على افتراض ثبات المصروفات و هي 300,000 درهم .

يتضح لنا من خلال المثل أعلاه أنَّ الموظفين لم يقصروا في أداء واجباتهم بل زادوا مجهودهم و ساعات الدوام و تمكنوا من زيادة الإنتاج 20 طناً أكثر من السنة السابقة و لكن لظروفٍ خارجةٍ عن إرادتهم فإنَّ النتيجة النهائية أنَّ أرباح الشركة انخفضت و لم تزد , فهل من المنطق أنْ يقل البونص بدل أنْ يزيد ؟!!

عموماً هذا الموضوع ( ارتباط البونص بالربحية أو بالأداء ) موضوع خلافي حتى بين المنظّرين و لا ينحصر الخلاف بين الإداريين فقط .

و في رأيي الشخصي .... أنَّ بونص الموظفين يجب أنْ يرتبط بالإنتاجية و بونص الإدارة العليا يجب أن يرتبط بالربحية .... أعلم أنَّ الكثيرين سيعارضونني ولكنْ هذه رؤيتي و قناعتي .

تلك كانت مقدمة موضوع اليوم .. أطلت فيها قليلاً و لكن كان لابد من ذلك لإحاطة الموضوع من جميع جوانبه الإحاطة المبتغاة.

يسعى معظم المدراء العامين للشركات المساهمة إلى إظهار أرباح الشركات بأكثر مما هي عليه في الحقيقة لينعكس عليهم و على القائمين معهم بالمكافآت السنوية المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالأرباح ( البونص ).

و قد تؤدي تلك الرغبة إلى بعض الممارسات التي ستظهر الأرباح بأكثر مما هي عليه حقيقةً , تلك الممارسات التي سنضع تحتها خطوط حمراء و أمامها علامات استفهام , و هي صلب موضوع اليوم .

إنَّ من أهم ممارسات تضخيم الأرباح تقييم الأصول بأكثر من قيمتها الحقيقيَّة , فقد نص المبدأ الثاني من المبادئ المحاسبية المتعارف عليها و هو (( مبدأ التكلفة التاريخية )) على تسجيل الأصول المملوكة للشركة بالقيمة التاريخية أي بالقيمة التي تم الشراء بها و ليس بالقيمة السوقية في حين سمحت بعض الدول بجواز إعادة تقييم الأصول بشكل سنوي بما يتلاءم مع السعر السوقي و في رأيي الشخصي أنَّ إعادة التقييم السنوي تعكس صورة أكثر قرباً للواقع عن وضع و قيمة الشركة إلاّ أنَّ اعتماد ( مبدأ التكلفة التاريخية ) لم يأتِ من فراغ بل جاء نتيجة استدراك الفساد قبل حدوثه إذْ أنَّ منهجية إعادة تقييم الأصول كل سنة تنطوي على نقطتين سلبيتين و هما :

1)      زيادة الجهد و ضياع الوقت و تكلفة المال .

2)      اعتبار ( إعادة التقييم ) أرضية خصبة للتلاعب .

و لسد باب التلاعب فقد تم اعتماد ( مبدأ التكلفة التاريخية ) رغم ما يحتويه من سلبيات .

في السنوات الأخيرة عمدت بعض شركات المساهمة العامة التي تعمل في القطاع العقاري على وجه الخصوص إلى تقييم أصولها بأكثر من الواقع بغية تضخيم الأرباح و بالفعل فقد استلمت الإدارة العليا مبالغ ( بونص ) بملايين الدراهم حتى أنَّ أحد المدراء العامين لإحدى الشركات العقارية استلم بونص يعادل راتبه أكثر من 100 مرة!! تخيَّل لمدة خمس دقائق أنَّك عزيزي القارئ تستلم 100 ضعف راتبك . يا للهول .

إنَّ الدول التي لا تركز على ضرورة تطبيق معايير المحاسبة الدولية على الشركات التي تعمل على أراضيها و تتهاون في محاسبة مدقق الحسابات الذي يصادق على ميزانيات لا تعبر عن الواقع من المحتمل جداً أنْ تحدث مثل تلك الأمور فيها .

ما الذي يجعل مدقق الحسابات يصادق على صحة الميزانيات التي لا تعبر عن واقع الشركات:

1)      ضعف الرقابة عليه , الرقابة الداخلية المتمثلة في مالك شركة تدقيق الحسابات و الرقابة الخارجية المتمثلة في شركات التدقيق المصاحبة .

2)      غياب العقاب الملائم ( قوة الإغراء مقابل العقاب ).

مثل :

مدقق حسابات يعمل في شركة تدقيق حسابات يستلم راتب 10,000 درهم في الشهر يعني 120,000 في السنة يعني 1,200,000 في الـ 10 سنوات .... اخصم صرفة خلال العشر سنوات يعني إذا ادَّخر فلن تصل مدخراته إلى 200,000 بنهاية العشر سنوات .

طُلبَ منه المصادقة على ميزانية لا تعبر عن الواقع بـفـارق مليار ( يعني ألف مليون ) مقابل 5 ملايين توضع في جيبه , يعني أمَّن مستقبله مدى الحياة حتى لو قدم استقالته بعد المصادقة بيوم و حمل أغراضه و هاجر لبلدٍ آخر .

إخواني الكرام .. إنَّ موضوع تدقيق الحسابات غاية في الدقة و الأهمية و يستلزم وعي عام على مستوى المجتمع و على مستوى المسئولين بالجهات المختصة لكنه ليس موضوع المقال ربما أرفد له عنواناً مستقلاً فيما هو آتٍ من متسع.

كما أنَّ من أهم أساليب تضخيم الأرباح تغيير السياسات المحاسبية أو إهلاك الأصول على مدةٍ لا تتناسب مع الواقع كأن تستهلك السيارة على 20 عاماً أو المبنى على 50 عاماً و هكذا .

لاحظ عزيزي القارئ أنَّ مواطن التضخيم تكون أينما يكون عنصر الـتـقـديـر و لاحظ أنَّ المقال تناول الإشارة إلى الأخطاء المقصودة و المتعمدة .... أي أضف إلى ذلك الأخطاء غير المقصودة فمن البديهي أنْ تتواجد الأخطاء أينما تواجد التقدير .

خلاصة الموضوع :

قلما نجد الحكومات في الدول العربية تتدخل في وضع الأطر العامة للبونص مما أسهم في ضبابية الرؤية في تحديد البونص و لمن و ما معاييره ووو ... (كل ما بينته في صدر المقال) هذه الضبابية أبهمت حامل السهم و المجتمع و سمحت بتطاول متخذ القرار في الشركات المساهمة لانتزاع مبالغ حقيقية هائلة من أرباحٍ وهمية بلا حساب و لا عقاب و لمّا استشعر متخذو القرار في الشركات المساهمة الأخرى ثراء المدراء المشار إليهم و لم يمسسهم سوء أصبح الأولون قدوةً للآخرين حتى أصبح المدراء يغارون من بعضهم و يتسابقون نحو البونص ضاربين بعرض الحائط فهم حاملي الأسهم المغلوب على أمرهم  و مستثمرين جهل الجهلاء منهم.

غفر الله لي و لكم.

أخوكم / محمد بن سيف العتيبة     بو بطي     00971506255599

22-2-2011    الثلاثاء

http://www.malotaiba.com/

عزيزي القارئ إذا أعجبك المقال و أردت تنزيله فاضغط على الصورة أدناه

تعليقات زوار الموقع على المقالة

جذاك الله خيرا

موضوع مستوفى العناصر

محمد سرور / January 19, 2012 01:01 PM

   

 زوار اليوم:

151

 العدد الكلي:

986921

الرئيسية ::الشعر ::المقالات ::المؤلفات ::أفكار ::سجل الزوار ::صور ::مواقع ::استطلاع ::إحصاءات ::فيديو ::راسلني

© جميع الحقوق محفوظة لموقع الشاعر محمد بن سيف العتيبة 2024 الموقع الفرعي