الذنوب
و الحساب
يقع الإنسان في الذنوب .... بقصدٍ و بغير قصدٍ ... و من حيث يدري و من حيث
لا يدري ... فقد ورد في سنن الترمذي الحديث التالي:
عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ ».
كما جاء في
مسند أحمد بن حنبل الحديث التالي:
عن أَبَي هُرَيْرَةَ يَقُولُ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا إِذَا رَأَيْنَاكَ
رَقَّتْ قُلُوبُنَا وَكُنَّا مِنْ أَهْلِ الآخِرَةِ وَإِذَا فَارَقْنَاكَ أَعْجَبَتْنَا
الدُّنْيَا وَشَمَمْنَا النِّسَاءَ وَالأَوْلاَدَ. قَالَ « لَوْ تَكُونُونَ - أَوْ قَالَ لَوْ أَنَّكُمْ تَكُونُونَ - عَلَى كُلِّ حَالٍ
عَلَى الْحَالِ الَّتِي أَنْتُمْ عَلَيْهَا عِنْدِي لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلاَئِكَةُ
بِأَكُفِّهِمْ وَلَزَارَتْكُمْ فِى بُيُوتِكُمْ وَلَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَجَاءَ اللَّهُ
بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ كَيْ يَغْفِرَ لَهُمْ ». إلى آخر الحديث ..
كما جاء في صحيح مسلم الحديث التالي:
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «
وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ
بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ ».
هذه الأحاديث أوردتها ليس للتشجيع على الذنوب ولكن للتأكيد على أنَّ
الإنسان مُعرَّض للوقوع في الذنب, و إذا ما وقع الإنسان في الذنب فهناك ثلاث
مسارات تتبع الذنب:
1-
إمّا أنْ يُعاقبَ الإنسانُ بذنبِهِ في الدنيا.
2-
و إمّا أنْ يُعاقبَ في الآخرة.
3-
و إمّا يَغْفِرَ اللهُ لَهُ أو يعفو عنه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و فيما يلي تفصيلاً بذلك...
1)
إمّا أنْ يُعاقبَ الإنسانُ بذنبِهِ في الدنيا. و هذا يأتي على أربعة أشكال:
a.
القصاص: كأنْ يسرق السارق فتقطع يده فبذلك لا يعاقبه
الله في الآخرة.
b.
البلاء: و البلاء غير الإبتلاء ... فالبلاء عقوبة
معجلة و الإبتلاء هو الإختبار و الإمتحان
,, فقد يَبتلي اللهُ تعالى عبداً من عباده المؤمنين ليختبرَ صَبْرَهُ و إيمانه و
يغفرَ له بتلك المشكلة أو الهم أو المصيبة و العياذ بالله.
c.
امتناع
الرزق: فقد ورد
الحديث التالي في سنن ابن ماجة:
عن ثَوْبَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى
الله عليه وسلم- « لاَ يَزِيدُ فِى الْعُمْرِ إِلاَّ الْبِرُّ وَلاَ يَرُدُّ
الْقَدَرَ إِلاَّ الدُّعَاءُ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ
».
d.
عدم تحقق
دعوة .
فقد ورد في سنن الترمذي الحديث التالي:
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
-صلى الله عليه وسلم- « مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو اللَّهَ بِدُعَاءٍ إِلاَّ
اسْتُجِيبَ لَهُ فَإِمَّا أَنْ يُعَجَّلَ لَهُ فِى الدُّنْيَا وَإِمَّا أَنْ يُدَّخَرَ
لَهُ فِى الآخِرَةِ وَإِمَّا أَنْ يُكَفَّرَ عَنْهُ مِنْ ذُنُوبِهِ بِقَدْرِ
مَا دَعَا مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ أَوْ يَسْتَعْجِلُ
». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَسْتَعْجِلُ قَالَ « يَقُولُ دَعَوْتُ رَبِّي فَمَا اسْتَجَابَ لي ».
2)
و إمّا أنْ يُعاقبَ في الآخرة.
و هذا يُعتبر أسوء بديل فقد قال الله تبارك
و تعالى (( إنَّ عذابها كان غراما ))
3)
و إمّا يغفر له أو يعفو عنه.
كما يمكن أنْ يعاقب الله الكافرين بعقوبتين ( في الدنيا و الآخرة )
المستثنى مما تقدَّم:
يستثنى من العقوبة:
1-
المعتوه أو
المجنون حتى يعود إلى رشده.
2-
الصغير حتى يكبر
و يبلغ الحلم.
3- النائم حتى يفيق و يصحو.
و لا أستطيع أنْ
أقول (( الجاهل حتى يعلم )) فالجاهل إذا علم أنه أصاب ذنباً بسبب جهله فيجب عليه
أنْ يتوب و يستغفر.
فقد قال الله
تبارك و تعالى:
(( وَإِذَا جَاءَكَ
الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ
عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ
ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)) الأنعام 54
ورد في سنن أبي
داوود الحديث التالي:
عَنْ أَبِى ظَبْيَانَ
- قَالَ هَنَّادٌ - الْجَنْبِيِّ قَالَ أُتِيَ عُمَرُ بِامْرَأَةٍ قَدْ فَجَرَتْ فَأَمَرَ
بِرَجْمِهَا فَمَرَّ عَلِيٌّ رضى الله عنه فَأَخَذَهَا فَخَلَّى سَبِيلَهَا فَأُخْبِرَ
عُمَرُ قَالَ ادْعُوا لي عَلِيًّا. فَجَاءَ عَلِيٌّ رضي الله عنه فَقَالَ يَا أَمِيرَ
الْمُؤْمِنِينَ لَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ
« رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاَثَةٍ عَنِ الصَّبِىِّ حَتَّى يَبْلُغَ وَعَنِ النَّائِمِ
حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنِ الْمَعْتُوهِ حَتَّى يَبْرَأَ ». وَإِنَّ هَذِهِ
مَعْتُوهَةُ بَنِي فُلاَنٍ لَعَلَّ الَّذِي أَتَاهَا أَتَاهَا وَهِيَ فِي بَلاَئِهَا.
قَالَ فَقَالَ عُمَرُ لاَ أَدْرِى. فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَأَنَا لاَ
أَدْرِى.
نقاط لا يتساوى فيها البشر حتى يتساوى فيها الحساب:
بدايةً أود أنَّ
أقول أنَّ الله تبارك و تعالى هو الواحد الأحد الحق و هو القاهر فوق عباده وهو
يحاسب البشر كيفما شاء لا كيفما نشاء و نحن نرجو لطفه و رحمته و غفرانه تبارك و
تعالى , و ما النقاط التالية إلاّ نقاط يفرضها العقل و المنطق علينا انطلاقاً من
فهمنا للحديث السابق. و النقاط التالية لا يمكن أنْ يتساوى فيها البشر و بالتالي
لا نتوقَّع أنْ يتساوى فيها الحساب و الله تبارك و تعالى أعلم:
1-
درجة رجاحة
العقل.
2-
درجة حظور
العقل.
3-
درجة قوة الشهوة
و الحاجة.
4-
درجة قوة الصبر
و الإحتمال.
5-
درجة الشعور
بالقوة و السلطة و الغنى.
6-
درجة العصبية.
7-
الحالة النفسية.
8- الحالة العقلية.
و
فيما يلي أورد تفصيلاً لما تقدَّم:
1-
درجة
رجاحة العقل:
بالنظر في الحديث (( رُفِعَ القلمُ عن ثلاثة ... )) فإنني استنبطُ أنَّ العقوبة في ميزان
الله العادل تستند استناداً مباشراً على مدى رجاحة عقل الإنسان و حظوره , فالحديث
أعلاه ذكرَ أعلى درجات غياب العقل و بيَّن أنه من كان عليها فلا شيء عليه ,,, و لكن
بين ذلك و بين الرشد درجات كثيرة من التدرّج فهناك الذكي و هناك الغبي و هناك
المتوسط فهل سيعاقب الله عز و جل الذكي المذنب كالغبي المذنب ؟
لم ترد أحاديث مباشرة فهذا يقع في علم الله تبارك و تعالى ولكنني أستنبط من الحديث أعلاه أنَّ حساب الذكي المذنب أشد من الغبي المذنب
لأنَّ الغبي لمْ يشأ لنفسه الغباء . و لا التصرف الغبي الذي سيكون عبءاً عليه يوم
القيامة.
قَالَ أَبُو
بَكْر بْن عَيَّاش عَنْ الْأَعْمَش عَنْ الْقَاسِم بْن عَبْد الرَّحْمَن قَالَ :
قُلْت لِمَسْرُوقٍ مَتَى يُؤْخَذُ الرَّجُلُ بِذُنُوبِهِ قَالَ
إِذَا بَلَغْتَ الْأَرْبَعِينَ فَخُذْ حِذْرك.
لأنَّ سن
الأربعين هو سن نضوج العقل و هو بلوغ الرشد
2-
درجة
حظور العقل:
قد يُحاسبُ
اللهُ عبداً ذا عقلٍ راجحٍ على ذنبٍ و يعفو عن ذنبٍ آخرَ ,,, فقد يشرب الرجل الخمر
فيذهب عقله و بعد ذلك يسرق فيحاسبه اللهُ على شرب الخمر و يعفو عن السرقة لأنَّ
الفعل الأول حدث بحظور العقل و الفعل الثاني حدث بغياب العقل.
فشارب الخمر و
مستعمل المخدرات غائب العقل وإنْ خالط الناس و تحدث معهم.
3-
درجة
قوة الشهوة و الحاجة:
لا شك أنَّ قوة
الشهوة عن الشاب أقوى عن العجوز.
و درجة حاجة
الأعزب أكبر من درجة حاجة المُحصن.
و شدة حاجة الفقير
للمال أكبر من الغني.
لم ترد نصوص
بهذه الأمور و لكن يمكن استنباطها.
و الحديث التالي
الوارد في صحيح مسلم يشير إلى منطقية النقطة .
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ
قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « ثَلاَثَةٌ لاَ
يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ - قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ
وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ - وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ شَيْخٌ زَانٍ وَمَلِكٌ كَذَّابٌ
وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ ». (( العائل يعني الفقير ))
الشيخ الزاني أي
العجوز الزاني وقد زنى على ضعف شهوة
و الملك الكذاب
أي الحاكم الذي يكذب فهو يكذب و هو أغنى ما يكون عن الكذب فالذي يكذب عادةً الضعيف
أمّا الحاكم فهو قوي فلما الكذب.
و العائل
المستكبر أي الفقير المتكبّر فلو تكبَّر
الغني لقلنا غرَّته أمواله فتكبَّر على الناس ولكن عندما ترى فقيراً و متكبراً
فعلى ماذا التكبُّر.
4-
درجة
قوة الصبر و الإحتمال:
و هنا ينقسم الصبر و الإحتمال إلى قسمين :
·
الصبر و
الإحتمال على مجالدة النفس لاجتناب الشهوات.
·
الصبر و
الإحتمال على مجالدة النفس لإلزامها بالطاعات.
لا شك أنَّ هناك
تفاوتاً بين البشر في قوة الصبر و الإحتمال و قد لا توجد علاقة مباشرة بين صحة
الجسم و طوله و عرضه و ضخامته من جهة و بين قوة الصبر و الإحتمال من جهةٍ أُخرى ,
فقد تجد رجلاً ضخم الجسم ضعيف الإحتمال و قد تجد رجلاً هزيل الجسم قوي الإحتمال.
5-
درجة
الشعور بالقوة و السلطة و الغنى:
قال الله تبارك و تعالى:
(( كَلَّا إِنَّ
الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى 6 أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى 7 )) سورة العلق
أَنْ رَآهُ
اسْتَغْنَى أي إنْ رأى نفسه استغنى, فلاشك أنَّ الإنسانَ القوي أو الذي يشعرُ
بالقوة قد تدعوه قوّته أنْ يظلمَ الضعيف و يسلبه حقّه. وقد أكَّدَ على هذا المعنى المتنبي
إذْ قال :
و الظلمُ مِنْ شِيَمِ النفوسِ فإنْ تَجِدْ *** ذا عِفَّـــــةٍ فَــــلِــــعِــــلَّــــةٍ
لا يُـــــظْـــــلِــــمُ
6-
درجة
العصبية:
ورد في صحيح
مسلم :
أَبِى هُرَيْرَةَ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لَيْسَ الشَّدِيدُ
بِالصُّرَعَةِ إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِى يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ
».
فعندما يغضبُ
الإنسانُ قد يذنب بلسانه أو بيده ... قد يسب و يشتم و قد يضرب و يعتدي .
و قد ورد الحديث
التالي في سنن النسائي:
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ
النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ
وَأَمْوَالِهِمْ ».
و من هنا أستطيع
القول بأنَّ الناسَ ليسوا متساووين في درجة العصبية و الإنفعال فبعضهم شديد الغضب
و الآخر ضعيف الغضب و بعضهم سريع الغضب و آخر بطيء الغضب .
7-
الحالة
النفسية:
هناك العشرات من تعاريف الصحة النفسية
و نقيضها و هو المرض النفسي ... لست في صدد سردها ولكنني أكتفي بأنْ أشير إلى
المرض النفسي ضد الصحة النفسية و المريض نفسياً لا يرى الأمور و الأشياء على
حقيقتها كما لا يرى الدنيا بألوانها الحقيقية فهو كالذي يلبس نظّارة حمراء و يرى
الدنيا من حولة حمراء وهي ليست كذلك في حقيقتها .
و مَنْ كانت رُؤيته للواقع مشوَّهة لا
شك أنَّ سلوكه اللفظي و الحركي سيكون مشوَّها بالتالي.
و لذلك فإنَّ تعريفي الشخصي للمريض
نفسياً هو التالي: ( تعريف بو بطي )
المريض نفسياً هو الشخص الذي لا تتناسب
ردود أفعاله كماً أو كيفاً مع المواقف و الأحداث من حوله بالزيادة أو بالنقص أو
بالنقيض.
و فيما يلي شرحاً للتعريف :
·
قد يسمع المريض
نفسياً نكته عادية فيضحك ضحكاً أكثر مما ينبغي (بالزيادة)
·
قد يسمع المريض
نفسياً نكته عادية فلا يضحك مطلقاً ( بالنقص )
·
قد يسمع المريض
نفسياً نكته عادية فيبكي ( بالنقيض )
و الأمراض النفسية كثيرة لست بصدد
سردها أيضاً ولكنني أكتفي بذكر بعضها.. فهناك ... الوهم و الإنفصام و الهذيان و
الإكتئاب و الهستيريا و القلق و غيرها ...
و بالتالي قد
يُذنب الإنسان و هو تحت تأثير المرض النفسي الذي يجعله يرى الأمور على غير حقيقتها
.
8-
الحالة
العقلية:
قد يكون
الإنسانُ عاقلاً راشداً ولكنه مصاب عقلياً و بالتالي فإنَّ جزءاً أو أجزاءاً
متفرقة من عقله أصيبت بالعطب و من أشكال ذلك ( الصرع ) و يطلق الأجانب على هذا ( Brain Damage ) و الإنسان قد يتعرض لهذا الأمر نتيجة نقص
الأكسجين عند الولادة و أو فيما بعد أو بسبب ضربة على الرأس أو بسبب الإلتهابات و
بالتالي فإنَّ الشخص المصاب بتلف عقلي قد تصدر عنه تصرفات مأثومة رغم رشده.
الخلاصة :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلَّم في حديثٍ أورده البخاري:
عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « سَدِّدُوا وَقَارِبُوا ، وَأَبْشِرُوا ، فَإِنَّهُ لاَ يُدْخِلُ أَحَدًا الْجَنَّةَ
عَمَلُهُ » . قَالُوا وَلاَ ، أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « وَلاَ أَنَا إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِى اللَّهُ بِمَغْفِرَةٍ وَرَحْمَةٍ
».
لا يدعوا هذا الحديث إلى التقاعص عن العمل الصالح إنَّما يدعوا إلى ترسيخ
الإيمان بالله تبارك و تعالى .
كما و رد في صحيح البخاري الحديث التالي:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي اللهُ عنه - قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه
وسلم « يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي،
وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِى نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِى نَفْسِي،
وَإِنْ ذَكَرَنِي فِى مَلأٍ ذَكَرْتُهُ فِى مَلأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ
إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا
تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ».
على الإنسان الحرص على عقيدة الصالحة و الإيمان الراسخ و محاولة اجتناب
الذنوب قدر الاستطاعة و على الإنسان المسلم فهم انعكاسات الذنوب على حياته فإنَّ
فهم , فإنَّ ذلك يساعد على اجتنابها . و في النهاية فإنَّ العمل الصالح و نقيضه
اجتناب الذنوب ما هو إلى تعبيراً عن انكسارنا أمام الله تبارك و تعالى و لا نقول إلاّ
... سمعنا و أطعنا ...
و أختم مقالي بحديثٍ من أعظم الأحاديث و هو من ما ورد بصحيح مسلم:
عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِيمَا رَوَيَ عَنِ
اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ « يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ
الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلاَ تَظَالَمُوا يَا
عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلاَّ مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِ أَهْدِكُمْ يَا عِبَادِي
كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلاَّ مَنْ أَطْعَمْتُهُ فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ يَا عِبَادِي
كُلُّكُمْ عَارٍ إِلاَّ مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ
تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا فَاسْتَغْفِرُونِي
أَغْفِرْ لَكُمْ يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي وَلَنْ
تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ
وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا
زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ
وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ
ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ
وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ
مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلاَّ كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ
إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ
ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ
غَيْرَ ذَلِكَ فَلاَ يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ ».
نسأل الله تبارك و تعالى أنْ يغفر لنا ذنوبنا و يكفِّر عنّا سيئاتنا .
المقال بصيغة PDF
محمد
بن سيف العتيبة بو بطي 055
4000060
الخميس 2015-4-16
الموقع
على النت
Malotaiba.com
|