موضوع إفساد اليهود في الأرض مرتين

موضوع إفساد اليهود في الأرض مرتين

 

فهرسة المقال:

 

مقدمة ............................................................................................                    2

 

ذكر الآيات المقصودة من أوائل سورة الإسراء ..................................                   3

 

ما الذي قاله المفسرون الذين فسّروا القرآن الكريم ..........................                              4

 

خلاصة ما قاله الشيخ / محمد متولي الشعراوي ...............................                6

 

خلاصة ما قاله المفسرون ..............................................................                     7

 

أهم النقاط التي تكوَّنت بعدها علامات استفهام ...............................                              8

 

نقطةُ خطرت ببالي و استوقفتني و أحببت تدوينها................................                14

 

تعليقي الأخير .................................................................................                      15

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقدمة:

في التاريخ الحديث ... لم يكن وضع اليهود بين الأمم ذا أهميةٍ كبيرة حيث " ضُربتْ عليهم الذلة و المسكنة " و استمر هذا الوضع حتى احتل بنو اسرائيل فلسطين سنة 1948 و منذ ذلك اليوم و العرب و المسلمون مصدومون في الواقع المرير الذي يعيشونه, و ما نفكَّ يجادلُ بعضهم بعضا في أسباب هذا الوضع و جذوره و يتَّهِمُ بعضهم بعضاً بالخيانة و العمالة و أصبحَ الناسُ العادييّونَ محللين سياسيين و ظَهَرَ الكهنةُ و العرّافون لِيَكْذُبوا على العالم بتحديد موعد انتهاء دولة اسرائيل ... و القليل من الناس تدبّر القرآن الكريم لفهم الواقع الذي نعيشه.

 

و حتى هؤلاء القليل لم يكن فهمهم للقرآن الكريم واحداً , بسبب تباين التفاسير و تفاوت المقدرة على الفهم و اختلاف الواقع بن الماضي و الحاضر .

 

فالمفسرون الذين فسروا القرآن الكريم في العصور المتقدمة كان تفسيرهم مختلفاً عن المتأخرين بسبب التقدم العلمي و بسبب أنَّ الستار قد كُشفَ عن الحقيقةِ إلى درجاتٍ أكبر مما سبق.

 

للأسف فإنني لاحظتُ أنَّ معظم السياسيين و المفكرين و المحللين لا تتعدى رؤيتهم في تحاليلهم السياسية إلى ما بعد استقراء الأحداث التي تبثها وسائل الإعلام , فقليلٌ منهم من يقول (( قال الله تبارك و تعالى و قال الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم )) إلى درجة أنني سمعتُ مراراً و تكراراً قادةً سياسيين يخطئون في قراءة القرآن الكريم أو أنهم لا يحفظون الآية التي يريدون الاستشهاد بها كاملةً , فترى أنَّ هؤلاء السياسيين يقومون فقط بالربط المنطقي بين الأحداث السياسية و التي عادةً لا تخلو من التأثّر بالعاطفة ... فأحياناً يصيبون و ما أكثر ما يُخطئون.

 

سينْصَبُّ مقالي اليوم على المقارنة بين ما قاله المفسرون في تفسير أوائل سورة الإسراء. مع استحضار أحداث آخر 100 عام في ذهني للتوصّل إلى رؤية واضحة للواقع الذي نعيشه و نفهم تسلسل الأحداث و تتكوّن لدينا رؤية معقولة لما نتوقّعه في ما هو آت.

 

 

قال الله تبارك و تعالى في سورة الإسراء :

﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ  1 وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً 2 ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا 3 وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا 4 فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً 5 ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا 6 إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا 7 عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا 8 إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا 9

 

سأقوم بالتركيز على الآيات من 4 إلى 8 و ستكون هي محور موضوع اليوم.

 

ما الذي قاله المفسرون الذين فسّروا القرآن الكريم في تفسير الآيات المشار إليها ؟

 

بدايةً أودُّ التذكير بالآية رقم 7 من سورة آل عمران التي يقول الله تعالى بها :

(( .. ‏وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ‏ كُلٌ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا .. ))

فالقرآن الكريم لا أحد يعلم تأويله و تفسيره بالمعنى و القصد الذي يريده الله إلاّ الله تعالى و أمّا الراسخون في العلم فيُؤمنون به و يقولون كُلٌ من عندِ ربنا. و عليه فإنَّ جميع المفسرين معرّضون للصواب و الخطأ في التفسير , فقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلّم فيما جاء في سنن الترمذي :  « كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ ».

 

وقد اختلفَ كبارُ المفسرين في تفسير هذه الآيات الكريمات كما اختلف صغار المفسرين أيضاً , فبالبحث وجدتُ أنَّ أشهر تفاسير القرآن الكريم تناهز الـ 90 كتاباً هذا خلاف غير المشهور منها , و أشهرها التالي:

 

1)   تفسير الطبري المسمى (جامع البيان في تأويل القرآن ) حيث عاش الطبري ما بين ( 224 – 310 ه )

2)   تفسير شمس الدين القرطبي المسمى ( تفسير القرطبي ) حيث عاش القرطبي ما بين ( 600 – 671 ه )

3)   تفسير ابن كثير المسمى ( تفسير القرآن الكريم ) حيث عاش ابن كثير ما بين ( 700 – 774 ه )

4)   تفسير الجلالين ( جلال الدين المحلّي و جلال الدين السيوطي ) اللذان عاشا في أواسط الـ 800 ه

5)   كما سألقي الضوء على ما قاله شيخنا ( محمد متولي الشعراوي ) رحمه الله تعالى في هذا الصدد.

 

لا يمكنني نقل ما قاله المفسرون نقلاً حرفياً و تضمين مقالي به , للأسباب التالية:

 

1)    أنني لو نقلتُ ما قالوا حرفياً فسيتضخَّم مقالي و يخرج من إطار المقال إلى الكتاب .

2)    سيستثقل الناس قراءته بسبب الإطالة.

3)    سيصعب على كثيرٍ من الناس فهم التفاسير لأنها مكتوبة بأساليب قديمة .

 

لذلك فإنني اكتفيتُ بنقلِ ما قاله ( تفسير الجلالين ) لما يتميَّز به من اختصارٍ شديد و سهولة في التعبير .

 

ورد في تفسير الجلالين أنَّ الفسادين الأول و الثاني حدثا و انتهى الأمر, و في الحقيقة أنَّ ما نشاهده في يومنا هذا من قيام دولة اسرائيل منافٍ لتفسير الجلالين , لكن دعونا نرى الوارد بتفسير الجلالين:

 

{4} وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا

"وَقَضَيْنَا" أَوْحَيْنَا "فِي الْكِتَاب" التَّوْرَاة "لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْض" أَرْض الشَّام بِالْمَعَاصِي "وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا" تَبْغُونَ بَغْيًا عَظِيمًا

{5} فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا

"فَإِذَا جَاءَ وَعْد أُولَاهُمَا" أُولَى مَرَّتَيْ الْفَسَاد "أُولِي بَأْس شَدِيد" أَصْحَاب قُوَّة فِي الْحَرْب وَالْبَطْش "فَجَاسُوا" تَرَدَّدُوا لِطَلَبِكُمْ "خِلَال الدِّيَار" وَسْط دِيَاركُمْ لِيَقْتُلُوكُمْ وَيَسْبُوكُمْ "وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا" وَقَدْ أَفْسَدُوا الْأُولَى بِقَتْلِ زَكَرِيَّا فَبَعَثَ عَلَيْهِمْ جَالُوت وَجُنُوده فَقَتَلُوهُمْ وَسَبَوْا أَوْلَادهمْ وَخَرَّبُوا بَيْت الْمَقْدِس

{6} ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا

"الْكَرَّة" الدَّوْلَة وَالْغَلَبَة "عَلَيْهِمْ" بَعْد مِائَة سَنَة بِقَتْلِ جَالُوت "نَفِيرًا" عَشِيرَة

{7} إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا

"إنْ أَحْسَنْتُمْ" بِالطَّاعَةِ "أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ" لِأَنْ ثَوَابه لَهَا "وَإِنْ أَسَأْتُمْ" بِالْفَسَادِ "فَلَهَا" إسَاءَتكُمْ "وَعْد" الْمَرَّة "الْآخِرَة" بَعَثْنَاهُمْ "لِيَسُوءُوا وُجُوهكُمْ" يُحْزِنُوكُمْ بِالْقَتْلِ وَالسَّبْي حُزْنًا يَظْهَر فِي وُجُوهكُمْ "وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِد" بَيْت الْمَقْدِس فَيُخَرِّبُوهُ "كَمَا دَخَلُوهُ" وَخَرَّبُوهُ "أَوَّل مَرَّة وَلِيُتَبِّرُوا" يُهْلِكُوا "مَا عَلَوْا" غَلَبُوا عَلَيْهِ "تَتْبِيرًا" هَلَاكًا وَقَدْ أَفْسَدُوا ثَانِيًا بِقَتْلِ يَحْيَى فَبَعَثَ عَلَيْهِمْ بُخْتُنَصَّر فَقَتَلَ مِنْهُمْ أُلُوفًا وَسَبَى ذُرِّيَّتهمْ وَخَرَّبَ بَيْت الْمَقْدِس

 

نقاط تعليق على التفسير أعلاه:

ذكر تفسير الجلالين أنَّ الذين حطموا اليهود بعد الفساد الأول ( جالوت و جنوده ) و كما نعلم أنَّ جالوت كان من الكفّار , و الآية الكريمة تقول ( عباداً لنا ) مما يدل على أنَّ التفسير ليس في محلّه.

 

كما ذكر تفسير الجلالين أنَّ الذين حطموا اليهود بعد الفساد الثاني (بُخْتُنَصَّر و جنوده ) و كما نعلم أنَّ بُخْتُنَصَّر كان من الكفّار , و الآية الكريمة تقول ( عباداً لنا ) مما يدل على أنَّ التفسير ليس في محلّه.

 

كما أعجبني تفسير الشيخ / محمد متولي الشعراوي لعدة أسباب و منها :

 

1)    أنَّ تفسيره يتفق مع المنطق بدرجاتٍ أعلى ممن سلف.

2)    أنَّ تفسيره يتفق مع الواقع بدرجاتٍ أعلى ممن سلف

 

خلاصة تفسير الشعراوي:

لقد استمعت إلى ما قاله في ثلاث حلقاتٍ متتاليات قاربت الثلاث ساعات استخلصت منها التالي :

 

يقول أنَّ بني إسرائيل أفسدوا مراتٍ عديدة و ليس مرتين فقط وذلك في ما قبل الإسلام . وأنَّ المقصود بالفسادين الواردين في الآية الكريمة أنَّ موقع حدوثهما بعد الإسلام و  أنهما لم يحدثا قبل الإسلام ... فالإفساد الأوَّل كان في المدينة المنورة ثم أجلاهم الرسول صلى الله عليه و سلم و الإفساد الثاني في عهدنا هذا ... المتمثل في قيام دولة اسرائيل .

 

و قد قمت بقراءة العديد من التفاسير لتحديد الإفسادين الأول و الثاني لبني إسرائيل و قمت بتفريغ محتواها اختصاراً في الجدول التالي و قد أسميته ( خلاصة الإفسادين في التفاسير ):

 

 

 

 

 

 

 

 

خلاصة الإفسادين في التفاسير

التفسير

الإفساد الأول

الإفساد الثاني

تفسير الطبري

كَانَ أَوَّل الْفَسَادَيْنِ قَتْلُ زَكَرِيَّا فَسلَّطَ اللَّه عَلَيهم مَلِك النَّبَط و يدعى "صحابين" فقتّلهم.

كان ثاني الفسادين قَتَلهم يَحْيَى فسَلَّطَ الله عَلَى بني اسرائيل "بُخْتَنَصَّرَ" فقتَّلهم  

تفسير القرطبي

أول الفسادين حِين كَذَّبُوا نبيّهم إرمياء وَجَرَحُوهُ وَحَبَسُوهُ فَسلَّطَ اللَّه عَلَيهم بختنصَّر

ثاني الفسادين قَتَلُهم يَحْيَى بْن زَكَرِيَّا فسلط الله عليهم بختنصر و قيل ملك من ملوك بابل يسمى " خردوس "

تفسير الجلالين

أَفْسَدُوا الْأُولَى بِقَتْلِ زَكَرِيَّا فَبَعَثَ عَلَيْهِمْ جَالُوت وَجُنُوده فَقَتَلُوهُمْ وَسَبَوْا أَوْلَادهمْ

أَفْسَدُوا ثَانِيًا بِقَتْلِ يَحْيَى فَبَعَثَ عَلَيْهِمْ بُخْتُنَصَّر فَقَتَلَ مِنْهُمْ أُلُوفًا وَسَبَى ذُرِّيَّتهمْ

تفسير ابن كثير

سلَّطَ اللهُ جالوت وجنوده فَقَتَلُوهُمْ وَسَبَوا أَوْلَادهمْ

لم يذكر

السيوطي

سلَّطَ اللهُ جالوت وجنوده فَقَتَلُوهُمْ وَسَبَوا أَوْلَادهمْ

بعث عليهم في الآخرة بختنصر

زاد المسير لابن الجوزي

في الفساد الاول قولان أحدهما قتلهم زكريا والثاني قتلهم شعيا . و أما في من سلط اللهُ عليهم ففيها خمسة اقوال

أحدها أنهم جالوت وجنوده والثاني بختنصر والثالث العمالقة والرابع سنحاريب والخامس سابور ذا الأكتاف

الفساد الثاني قتلهم يحيى بن زكريا

وفي من بعث عليهم في المرة الثانية قولان
أحدهما بختنصر والثاني انطياخوس الرومي

تفسير البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي

في الفساد الاول قولان أحدهما قتلهم زكريا والثاني قتلهم شعيا. و أمّا في من غزاهم فهناك عدة أقاويل : جالوت , سنجاريب , بختنصر , العمالقة

الفساد الثاني قتلهم يحيى بن زكريا وفي من بعث عليهم في المرة الثانية قولان
أحدهما بختنصر والثاني خردوس

تفسير روح المعاني للألوسي

في الفساد الاول قولان أحدهما قتلهم زكريا والثاني قتلهم شعيا

الفساد الثاني قتلهم يحيى بن زكريا وفي من بعث عليهم في المرة الثانية قولان
أحدهما بختنصر والثاني بيردوس

الشعراوي

الفساد الأول في المدينة المنوّرة و قد أجلاهم الرسول ص من المدينة بعده

الفساد الثاني هو دولة اسرائيل الحالية

أهم النقاط التي تكوَّنت بعدها علامات استفهام - حسب اعتقادي - بخصوص تأويل الآيات الكريمات ( من الآية 4 إلى 8 من سورة الإسراء ) و التي سأجيب عليها انطلاقاً مما قرأت من تفاسير و التقاءً بفهمي و المنطق:

 

أولاً النقاط و ستتلوها الإجابات:

1)    ما مدى حصول الفسادين المذكورين ... و الأقوال تصب في التالي:

a.     عدم حصول الفساد الأول و الثاني حتى يومنا هذا.

b.     حصول الفساد الأول و عدم حصول العلو الثاني إلى يومنا هذا.

c.      حصول الفساد الأول و الثاني و انتهائهما منذ زمنٍ بعيد.

2)    ما هو المقصود بالعلو ؟

a.     هل هو علو مكانة اليهود بين الأمم و الشعوب و الدول و هيمنتهم؟

b.     هل هو تفوق اليهود على غيرهم بالسلاح و المال و البنين؟

c.      هل هو تجاوز اليهود للحدود في المعاصي و المغالاة في العناد و الاستكبار ؟

3)    ما هو ترتيب الأوضاع لبني إسرائيل حسب الآيات الكريمات؟

a.     علو ثم إفساد ثم تدمير ثم رد الكرة لهم ثم علو ثم إفساد ثم تدمير.

b.     إفساد ثم تدمير ثم رد الكرة لهم ثم إفساد ثم تدمير.

4)    من هم الذين سيحطمون اليهود بعد الإفساد الأول ..... الذين ذكرهم الله تعالى بقوله ( عباداً لنا ) ؟

5)    و من هم الذين سيحطمون اليهود بعد الإفساد الثاني ؟

6)    هل المقصود بقوله تعالى (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ ) أخبرنا بني اسرائيل في التوراة أم كتبنا على بني إسرائيل و كان من اللهِ قَضاءً و أمراً مفعولا ؟

7)    ما هو المقصود بقوله تعالى ( وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ ) :

a.     هل هو المسجد الأقصى؟

b.     هل هو هيكل سليمان؟

c.      هل هو أرض فلسطين ككل؟

8)    متى بني المسجد الأقصى و في عهد مَنْ ؟ حتى نتمكَّن من استبعاد فترة ما قبل بناء المسجد في محاولة الكشف عن المقصودين بالإفساد من بني إسرائيل و المقصودين بـ ( عباداً لنا ).

9)    هل تحطيم اليهود ( وعد ) من الله عز وجل أم المقصود بكلمة ( وعد ) الواردة في الآيات أعلاه هو ( موعد ) ؟

10)هل تحطيم اليهود في المرة الثانية ستكون هي المرة الأخيرة في إفسادهم؟

11)هل ستقوم لليهود قائمة بعد تحطيمهم في المرة الأولى و في المرة الثانية

12)ما وجه الترابط بين فواتح سورة الإسراء المذكورة و بين الآية رقم 104 من سورة الإسراء نفسها و التي قال الله بها :

(( وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا ))

13)ما هو تحليل كلمتي ( فإذا جاء ) هل تعنيان بالضرورة عدم حدوث الحدث ؟

14)لماذا أَبْهَمَ اللهُ تعالى موعدَ انتهاء دولة إسرائيل و لم يحدده أو يحصره في فترة زمنية معيّنة على غرار سورة الروم التي حددَ اللهُ فيها غلبةَ الروم على الفرس في بضع سنين؟

 

الإجابات على الأسئلة أعلاه:

1)    ما مدى حصول الفسادين المذكورين ... و الأقوال تصب في التالي:

a.     عدم حصول الفساد الأول و الثاني حتى يومنا هذا.

b.     حصول الفساد الأول و عدم حصول العلو الثاني إلى يومنا هذا.

c.      حصول الفساد الأول و الثاني و انتهائهما منذ زمنٍ بعيد.

 

أرى ما قاله الشيخ / محمد متولّي الشعراوي و أعتقد و الله أعلم أنَّ الفساد الأوَّل تحقق بنقضهم العهود في صدر الإسلام مع الرسول صلى الله عليه و سلّم و بعدها تم طردهم خارج الجزيرة العربية و لم تقم لهم قائمة منذ ذلك اليوم حتى سنة 1948 و التي أعتبرها سنة قيام إسرائيل و بداية الإفساد الثاني و الأخير.

 

2)    ما هو المقصود بالعلو ؟

a.     هل هو علو مكانة اليهود بين الأمم و الشعوب و الدول و هيمنتهم؟

b.     هل هو تفوق اليهود على غيرهم بالسلاح و المال و البنين؟

c.      هل هو تجاوز اليهود للحدود في المعاصي و المغالاة في العناد و الاستكبار ؟

 

قال الألوسي في تفسيره ( روح المعاني ) ... ولتعلن علوا كبيرا ... لتستكبرن عن طاعة الله تعالى أو لتغلبن الناس بالظلم والعدوان وتفرطن في ذلك إفراطا مجاوزا للحد

قال أبو حيان الأندلسي في تفسيره ( البحر المحيط ) ولتعلنّ أي تطغون وتعظمون

3)    ما هو ترتيب الأوضاع لبني إسرائيل حسب الآيات الكريمات؟

a.     علو ثم إفساد ثم تدمير ثم رد الكرة لهم ثم علو ثم إفساد ثم تدمير.

b.     إفساد ثم تدمير ثم رد الكرة لهم ثم إفساد ثم تدمير.

الإجابة الثانية لأنَّ فهمنا للعلو هو المبالغة في الإفساد.

 

4)    من هم الذين سيحطمون اليهود بعد الإفساد الأول ..... الذين ذكرهم الله تعالى بقوله ( عباداً لنا ) ؟

حسب فهمي ...  هم محمدٌ رسول الله صلى الله عليه و سلّم و الصحابة الكرام , لأنَّ سورة الإسراء من السور المكيَّة أيْ قبل الهجرة إلى المدينة المنوَّرة و مجاورة اليهود فيها . ففي الآية إخبارٌ بوضعٍ سيحدث في المستقبل و قد حدث بالفعل فقد هاجر الرسول صلى الله عليه و سلَّم إلى المدينة و جاور اليهود و عقد معهم معاهدات ثم بعد ذلك نقضوا العهود و استفزوا رسول الله صلى الله عليه و سلَّم من خلال:

·      كانوا يحضُّون الناس على رفض التشريع الذي يحكمهم، وفي هذا فتنة كبيرة في المدينة، ومن ذلك ما نسبوه إلى رب العالمين من الفقر، وفيهم أنزلَ الله تعالى: (( لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ )) [آل عمران: 181]

·      تعدِّيهم على رسول الله صلى الله عليه و سلّم فقد كانوا يمرُّون عليه، ويَدْعُون عليه بالموت في وجهه، فيقول أحدهم: السام عليك. والسام هو الموت، فلا يزيد رسول الله صلى الله عليه و سلَّم في ردِّه عليهم على قول: "وَعَلَيْكُمْ"

·      إثارة الشحناء بين المهاجرين والأنصار.. كما تطاولوا أكثر من ذلك، وارتكبوا من الأمور ما لا يمكن احتماله، فقد خالفت بنو قينقاع مخالفات جسيمة، بمراودة المرأة المسلمة على كشف وجهها، ثم التحايل على كشف عورتها، ثم الاجتماع القبلي على قتل رجل مسلم ، وخالفت بنو النضير بمحاولة صريحة لقتل رسول الله ، وكذلك خالفت بنو قريظة في محاولة أشد عنفًا وضراوةً تهدف إلى قتل واستباحة كل مَنْ في المدينة المنورة.

ومن ثَمَّ كان هذا نقضًا صريحًا للمعاهدة، و قد أجلاهم الرسول ص من المدينة ثم تجمعوا في خيبر  و بدأوا تأليب القبائل على المسلمين ثم صارت حرب الأحزاب التي نصر الله بها المسلمين ثم قرر الرسول ص حربهم في خيبر .

 

5)    و من هم الذين سيحطمون اليهود بعد الإفساد الثاني ؟

هم من سيكونون على نهج الصحابة الكرام من التُقى و الهدى و عفاف , فإذا انطبقت كلمت ( عباداً ) لنا عليهم كما كانت منطبقة على الصحابة الكرام فحينها سيمن الله عليهم بسحق اليهود في دولتهم المزعومة " اسرائيل ".

6)    هل المقصود بقوله تعالى (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ ) أخبرنا بني اسرائيل في التوراة أم كتبنا على بني إسرائيل و كان من اللهِ قَضاءً و أمراً مفعولا ؟

أشار معظم المفسرين إلى جواز التفسير الأوّل و الثاني .

إلاّ أنني أرى رجحان التفسير الثاني أيْ أنَّ الله قضى بمعنى كَتَبَ على بني إسرائيل في الكتاب أي عنده في اللوح المحفوظ  .

ففي قضى نستحضر قول الله تعالى في الآية 117 من سورة البقرة : (( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)) و قضى هنا تأتي بمعنى كَتَبَ و أرادَ .

و في الكتاب نستحضر قول الله تعالى في الآية رقم 4 من سورة الزخرف : ((وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ )) أي اللوح المحفوظ.

و الله تعالى أعلم.

 

7)    ما هو المقصود بقوله تعالى ( وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ ) :

a.     هل هو المسجد الأقصى؟

b.     هل هو هيكل سليمان؟

c.      هل هو أرض فلسطين ككل؟

هو المسجد الأقصى و إنْ كان بعض المفسرين فسَّروا المسجد بفلسطين ككل.

8)    متى بني المسجد الأقصى و في عهد مَنْ ؟ حتى نتمكَّن من استبعاد فترة ما قبل بناء المسجد في محاولة الكشف عن المقصودين بالإفساد من بني إسرائيل و المقصودين بـ ( عباداً لنا ).

يقال أنَّ أوَّل من بنى الكعبة هو أبينا آدم عليه السلام . و الحديث التالي يدل على صحة هذا.

ورد في صحيح مسلم :

عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الأَرْضِ أَوَّلُ قَالَ « الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ ». قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ « الْمَسْجِدُ الأَقْصَى ». قُلْتُ كَمْ بَيْنَهُمَا قَالَ « أَرْبَعُونَ سَنَةً وَأَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلاَةُ فَصَلِّ فَهُوَ مَسْجِدٌ ».

و بما أنَّ الفاصل الزمنى بين البنائين 40 سنة فالمنطق يقول أنَّ الأرجح هو آدم عليه السلام و أنَّ سيدنا إبراهيم " رفع القواعد " أي أعاد بناء الكعبة و أما سيدنا سليمان فقد يكون هو من أعاد بناء المسجد الأقصى .

لذلك لا يمن الركون إلى هذه النقطة لاستبعاد أي فترة زمنية لتحديد المقصودين بالإفساد .

9)    هل تحطيم اليهود ( وعد ) من الله عز وجل أم المقصود بكلمة ( وعد ) الواردة في الآيات أعلاه هو ( موعد ) ؟

قال الله تعالى : ((وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا 4 فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً )) يمكن أنْ تُفهم (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا ) كالتالي (فَإِذَا جَاءَ موعد أُولاهُمَا) إلاّ أنَّ إنهاء الآية بـ (وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً) يدل على أنَّه وَعدٌ من الله تبارك و تعالى بحتمية حصول هذا الأمر.

كما قال الله تبارك و تعالى : ((فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا)) و هنا أفهم من اللامات الثلاث الموجودة في الآية و هي: ليسوؤوا , ليدخلوا , ليتبروا . أنَّ ( وعد الآخرة ) أيضاً وعد من الله تعالى بحتمية حصول هذا الأمر.

10)هل تحطيم اليهود في المرة الثانية ستكون هي المرة الأخيرة في إفسادهم؟

يبدو من سياق الآية أنَّ الإفساد الثاني الذي أشار ت إليه الآيات (لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ) ذلك الإفساد الذي يتجاوز الحدود هو الأخير بدليل أنَّ الله تعالى قال : (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ) و لم يقل (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الثانيةِ)

11)هل ستقوم لليهود قائمة بعد تحطيمهم في المرة الأولى و في المرة الثانية

قال الله تبارك و تعالى : ((وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا )) مما يدل على أنَّه سيتم تحطيم اليهود في المرة الثانية و الأخيرة و لكن لن تتم إبادتهم , فسيبقى هناك يهود على الأرض.

12)ما وجه الترابط بين فواتح سورة الإسراء المذكورة و بين الآية رقم 104 من سورة الإسراء نفسها و التي قال الله بها :

(( وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا ))

لا يوجد ترابط مباشر , فـ ( وعد الآخرة ) الوارد في الآية رقم 7 يتحدث عن الإفساد الثاني و الأخير لبني إسرائيل و هذه الآية تتحدث عن ما قاله لهم الله جل جلاله بعد أنْ أغرق فرعون في البحر , و وعد الآخرة الواردة في هذه الآية يشير إلى أنَّ الله سيجيئ بهم إلى الدار الآخرة حيث الحساب و الجنة و النار و لا يُقصد بـ ( وعد الآخرة ) هنا الإفساد الثاني و الأخير الوارد في بداية السورة.

13)ما هو تحليل كلمتي ( فإذا جاء ) هل تعنيان بالضرورة عدم حدوث الحدث ؟

لا تعني بالضرورة عدم حدوث الحدث وقت نزول الآية فالسياق هو الذي يبيّن .

قال الله تعالى : ((فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ )) المؤمنون 27 وقد فار التنور في زمن سيدنا نوح عليه السلام و انتهى.

قال الله تعالى : ((قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا )) الكهف 98 و في هذه الآية فإنَّ الحَدَثْ لم يحدث بعد , فالسياق هو الذي يحكم.

14)لماذا أَبْهَمَ اللهُ تعالى موعدَ انتهاء دولة إسرائيل و لم يحدده أو يحصره في فترة زمنية معيّنة على غرار سورة الروم التي حددَ اللهُ فيها غلبةَ الروم على الفرس في بضع سنين؟

قال الله تعالى في سورة الروم : ((الم 1 غُلِبَتِ الرُّومُ 2 فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ 3 فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ 4 ))

"فِي بِضْع سِنِينَ" هُوَ مَا بَيْن الثَّلَاث إلَى التِّسْع سنوات فَالْتَقَى الْجَيْشَانِ فِي السَّنَة السَّابِعَة مِنْ الِالْتِقَاء الْأَوَّل وَغَلَبَتْ الرُّومُ الفُرسَ .

وجه التشابه بين الآيتين أنهما تحدثتا أنْ أمرٍ سيحدث في المستقبل.

و وجه الاختلاف أنَّ الله تبارك و تعالى حدد في سورة الروم فترة زمنية يتحقق فيها حدثٌ أشار إلى حتمية وقوعه في المستقبل و هو انتصار الروم على الفرس و في سورة الإسراء لم يحدد فترة زمنية لتحقق الوعد الثاني المشار إليه أعلاه.

و ربما كان ذلك بسبب أنَّ الله يريد المثابرة على طلب الإنتصار على بني إسرائيل و عدم التخاذل , فلتبسيط الشرح ... لو أنَّ الله تبارك و تعالى أشار إلى حتمية انتصار المسلمين على اليهود في سنة 2025 م فهذا سيجعل المسلمين يسلمون بالأمر الواقع و يتخاذلون و يجزمون بخسارة أي معركة دون ذلك التاريخ و هذا يجوز فالمسلم يجب أنْ لا يتخاذل أبداً.

و الله تبارك و تعالى أعلم .

 

 

 

 

 

نقطةُ خطرت ببالي و استوقفتني و أحببت تدوينها:

 

معظم المفسرين أشاروا إلى أنَّ فساد بني اسرائيل المشار إليه في الآيات يدور حول قتلهم الأنبياء:

·      الإفساد الأوّل ..... متمثل بقتلهم زكريا.

·      الإفساد الثاني ..... متمثل بقتلهم يحيا بن زكريا.

 

و في الحقيقة أنني أرى أنَّ بني إسرائيل أفسدوا أنواعاً متعددةً أخرى غير قتلهم الأنبياء و هذه الأنواعُ الأخرى من الإفسادِ أظنها و الله أعلم أنها أشد و أعظم من قتل الأنبياء مما قد يدل على أنَّ تفسير المفسرين ليس صحيحاً على إطلاقه , فمن الأمثلة على إفسادهم المتنوع ما يلي:

·      قولهم أنَّ عزير ابن الله ... تعالى الله عمّا يقولون.

·      و قولهم أنَّ يَدَ الله مغلولة ... غلت أيديهم.

·      و عبادتهم العجل ... وهذا من الشرك.

·      و تعرضهم للتوراة بالتالي:

*   التحريف.

قال الله تعالى: ((مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا  )) النساء 46

وقال الله تعالى : ((فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )) المائدة 13

و قال الله تعالى : ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ )) المائدة 41

*   الإخفاء .

قال الله تعالى: ((يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ )) المائدة 15

*   التقوّل على الله.

 قال الله تعالى: (( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ )) البقرة 79

 

و الكثير من الإفساد ... ما يضيق المجال عن حصره و شرحه.

 

تعليقي الأخير:

 

دخل كثيرٌ من المفسرين و المحللين إلى الإعجاز العددي في القرآن الكريم و أشاروا إلى أنَّ عمر دولة اسرائيل سيكون 76 سنة هجرية و أنَّ الموعد المتوقع لانتهاء دولتهم هو عام 1443 ه الموافق لسنة 2022 م و في الحقيقة أنَّ أوائل المفسرين لم يتطرقوا إلى الإعجاز العددي في القرآن الكريم إلاّ أنَّ هذا لا يعني عدم وجوده كما أننا يجب أنْ لا نؤكده.

 

كل هذا يدور في موضوع تحديد موعد انتهاء دولة اسرائيل أمّا الإجماع فهو على زوالها و أنَّ زوالها ما هو إلاّ حتمية زمنية لا مفر لليهود منها.

 

إنْ أصبت فمن الله و إن أخطأت فمن نفسي و من الشيطان فأرجو من الله تبارك و تعالى العفو و المغفر.

محمد العتيبة   بو بطي   00971554000060

الأحد   15-3-2015 م

المقال بصيغة PDF

تعليقات زوار الموقع على المقالة
   

 زوار اليوم:

157

 العدد الكلي:

986927

الرئيسية ::الشعر ::المقالات ::المؤلفات ::أفكار ::سجل الزوار ::صور ::مواقع ::استطلاع ::إحصاءات ::فيديو ::راسلني

© جميع الحقوق محفوظة لموقع الشاعر محمد بن سيف العتيبة 2024 الموقع الفرعي