المشي
المشي في اللغة هو الانتقال من مكان إلى مكان آخر مسرعاً أوْ مبطئً
و الاسم المفرد ( مشية )
و الجمع ( مشي )
كما تستعمل الكلمتان للتدليل على العموم و الخصوص, فتقول لصديقك خالد و هو يمشي معك ما يلي :
1. يا خالد مشيك سريع . أيْ إنَّ مشيك يا خالد بصفة عامة سريع فهذه الصفة الغالبة على مشية خالد دائماً.
2. يا خالد مشيتك سريعة . أيْ إنَّ مشية خالد هذه المرة سريعة و ليس بالضرورة أنَّ الصفة الغالبة على مشي خالد السرعة.
و اسم الفاعل كالتالي:
المفرد ( الماشي )
الجمع ( المُشاةُ )
و اسم المكان و الزمان هو( ممشى ) وهو اسمٌ مشتق . و تُفهم دلالة الكلمة من سياق الحديث ... هل تدل على الزمان أو على المكان كالتالي:
1. ذهبْتُ إلى الممشى لأتمشّى . .... هنا دلّت كلمة ممشى على مكان متعارف عليه للمشي.
2. نام خالد قبل ممشاه بنصف ساعة . .... هنا دلّت الكلمة على الزمان أي أنَّ خالد نام قبل موعد مشيه الذي اعتاد عليه بنصف ساعة
ما الفرق بين المشي و السير و الركض و الجري و الهرولة و السعي و النسلان ؟
المشي : هو الحركة الاعتيادية البسيطة دون هدف أو وجهة معينة
السير : هو السير لمسافة طويلة و لهدف معيّن و بتركيز العقل و تدبره
قال الله تعالى : ((وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ )) سبأ 18
و قال الله تعالى : (( قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ )) النمل 69
الركض : تستخدم للخيل و الإبل و قلَّ ما تستخدم للإنسان
و ركض الناقة نوعان ... النوع الأول ( الركض أو الدلي ) و النوع الثاني ( الخبب ) فعندما تقول (الناقة تركض أو الناقة تدلي) دلَّ ذلك على أنَّ يدي الناقة تتخالفان و رجلاها تتخالفان أي عندما تكون يدها اليمنى في الأمام تكون يدها اليسرى في الخلف و كذلك بالنسبة لقدميها أماّ ( الخبب ) فعكس ذلك , فعندما تقول ( الناقة تخب ) دلَّ ذلك على أنَّ يداها تنتقلان إلى الأمام مع بعضهما و تنتقل إلى الخلف مع بعضهما و الرجلين كذلك . و يمكن للناقة الواحدة أنْ تجمع بين النوعين في جريٍ واحد, حيثُ تبدء الناقة بالدلي فإذا زادت سرعتها انتقلت إلى الخب و من المشهود أنْ سبقت ناقةٌ تدلي ناقةً تخبْ.
و قد قال أحد الشعراء:
«مَثاباً لأفْناءِ القَبائلِ كلِّها * تَخُبُّ إليه اليَعْمَلاتُ الذَّواملُ» [اليعملات: النُوق الشِّداد، الذوامل: السَّريعات السَّيْرِ].
كما لا يفوتني هنا ذكر أنَّ الخبب بحر من بحور الشعر الفصيح. و تفعيلته
فاعِلُن فاعلن فاعلن فاعلن × 2 أو فَعِلُن فعِلُن فعِلن فعِلن × 2
الجري : معروف و يستخدم أيضاً للماء فتقول ( مياه النهر تجري ) و لا تقول ( مياه النهر تركض )
الهرولة : بين العدو والمشي
السعي : المشي في أمرٍ ما ( مادي أو معنوي ) فساعي البريد من يمشي بالرسائل و يوصلها لأصحابها و تقول فلان سعى لإصلاح ما بين الزوجين فلان و فلانة . فالساعي الأول سعى بأمرٍ مادي و الثاني سعى بأمرٍ معنوي . و الساعي في الأرض من قصد رزقه أو طلب رزقه.
النَسَلان : الإسراع في المشي مع تقارب الخطى و هو دون السعي. ( النسلان بفتح النون و السين )
و قد ورد في سنن البيهقي :
10645- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّعْدِىُّ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ : شَكَا نَاسٌ إِلَى النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- الْمَشْيَ فَدَعَا بِهِمْ فَقَالَ :« عَلَيْكُمْ بِالنَّسَلاَنِ فَنَسَلَّنَا فَوَجَدْنَاهُ أَخَفَّ عَلَيْنَا ».
أنواع المشي :
هناك أنواع كثيرة من أنواع المشي تدل على الحالة النفسية للماشي أو ما تسيطر عليه من مشاعر .
فمما لا شك فيه أنَّ شعور الإنسان بـ : الحزن أو الفرح أو الغضب أو التكبّر أو التجبُّر ينعكس في مشيته.
كما أنَّ الحالة العقلية للماشي تتضح من خلال مشيته كـ : المجنون أو المخبول أو المستخف أو السكران.
كما أنَّ الحالة النفسية للماشي تتضح من خلال مشيته كـ : الخائف أو الواثق من نفسه أو المهزوز و ما إلى ذلك و قد غنَّت (( أم كلثوم )) الأغنية الشهيرة (( واثق الخطوةِ يمشي ملكاً ... ))
و بالتالي فإنَّ مسميات المشي مشتقة من ما ذكر أعلاه إلاّ أنَّ الإمام ابن القيّم حصرها بـ 10 مشيات أوردها في كتابه "زاد المعاد" غير أنني أرى أنها ربما تكون أكثر من 10 مشيات كمشية المعاق في قدمه أو رجله كـ ( الأعرج أو الأفيح ) ولكن لا بأس من ذكر ما أورده ابن القيّم في التالي : ( الأفيح : من اتسعت المسافة بين رجله اليمنى و اليسرى ))
(....و المشيات عشرة أنواع :
1 - أن يمشي هونا :
و هي مشية عباد الرحمن ، كما وصفهم بها في كتابه فقال : (و عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا) الفرقان 63
قال غير واحد من السلف : بسكينة ووقار من غير تكبر و لا تماوت ، و هي مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه مع هذه المشية كان كأنما ينحط من صبب ، و كأنما الأرض تطوى له ، حتى كان الماشي معه يجهد نفسه و رسول الله صلى الله عليه و سلم غير مكترث!
قال علي رضي الله عنه : (كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا مشى تكفأ تكفؤا كأنما ينحط من صبب ، و قال مرة : إذا مشى تقلع ) و التقلع : الارتفاع من الأرض بجملته كحال المنحط من الصبب ، و هي مشية أولي العزم و الهمة و الشجاعة ، و هي أعدل المشيات و أروحها للأعضاء...
2ـ مشية التماوت و المهانة :
و هي أن يتماوت الماشي في مشيه و يمشي قطعة واحدة ، كأنه خشبة محمولة ، و هي مشية مذمومة قبيحة.
3ـ مشية الانزعاج و الاضطراب :
أن يمشي مشي الجمل الأهوج ، و هي مشية مذمومة أيضا ، و هي دالة على خفة عقل صاحبها ، و لا سيما إن كان يكثر الالتفات حال مشيه يمينا و شمالا!!
4ـ السعي.
5ـ الرَّمَل :
و هو أسرع المشي مع تقارب الخطا ، و يسمى : الخَبب
و في الصحيح من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه و سلم خَبَّ في طوافه ثلاثا ، و مشى أربعا.
6ـ النَّسَلان :
و هو العدو الخفيف الذي لا يزعج الماشي ، و لا يكرثه .و في بعض المسانيد أن المشاة شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم من المشي في حجة الوداع ، فقال : ( استعينوا بالنَّسَلان )
7ـ الخَوْزَلَى : (!!)
و هي مشية التمايل ، و هي مشية يقال : إن فيها تكسرا و تخنثا.
8ـ القهقرى :
و هي المشية إلى وراء.
9ـ الجَمَزَى :
و هي مشية يثِبُ فيها الماشي وثبا.
10ـ مشية التبختر :
و هي مشية أولي العُجْب و التكبُّر ، و هي التي خسف الله سبحانه بصاحبها لما نظر في عطفيه و أعجبته نفسه ، فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة.
و أعدل هذه المشيات مشية الهون و التكفُّؤ....)
انتهى معنى كلامه رحمه الله من زاد المعاد ج1/ 161ـ162
مشي الرسول محمد صلى الله عليه و سلّم:
مسند أحمد:
1134- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَبِى حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنِ ابْنِ عُمَيْرٍ قَالَ شَرِيكٌ قُلْتُ لَهُ عَمَّنْ يَا أَبَا عُمَيْرٍ عَمَّنْ حَدَّثَهُ قَالَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- ضَخْمَ الْهَامَةِ مُشْرَباً حُمْرَةً شَثْنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ ضَخْمَ اللِّحْيَةِ طَوِيلَ الْمَسْرُبَةِ ضَخْمَ الْكَرَادِيسِ يَمْشِى فِي صَبَبٍ يَتَكَفَّأُ فِي الْمِشْيَةِ لاَ قَصِيرٌ وَلاَ طَوِيلٌ لَمْ أَرَ قَبْلَهُ مِثْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ -صلى الله عليه وسلم-. معتلى 6169
السربة : الشعر المستدق النابت وسط الصدر إلى البطن
الشثن : الضخم
الصَبَبْ : النازل من موضع منحدر و المراد به قوي البنية .
الكراديس : جمع الكردوس و هو كل عظم تام ضخم و الكراديس رؤوس العظام.
يتكفّأ : يتمايل إلى قدّام كالسفينة في جريها.
ـــــــــــــــ
مسند أحمد :
3088- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَبِى حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِى هِنْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي فُلاَنٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا مَشَى مَشَى مُجْتِمَعاً لَيْسَ فِيهِ كَسَلٌ. معتلى 3984 مجمع 8/281
فوائد المشي :
تنقسم فوائد المشي إلى فوائد ينالها الإنسان في الدنيا و فوائد ينالها في الآخرة .
1. فوائد المشي في الدنيا كثيرة وهي تعتمد على مدة المشي كل و مرة ومدى مداومة الإنسان عليه ويمكننا تلخيص فوائده في النقاط التالية:
a. يفيد القلب والرئتين ويحسن من الدورة الدموية.
b. يقوي العضلات في الأرجل والبطن والظهر، ويقوي العظام ويقلل من إصابتها بالهشاشة.
c. يرفع اللياقة.
d. يؤدي إلى الرشاقة و القوام الجميل.
e. يقلل من خطر الإصابة من بعض الأمراض مثل السكري و السمنة و القلب.
f. يساعد على التخلص من التعب النفسي و القلق و الوسوسة و الإكتآب.
2. فوائد المشي في الآخرة. تكون محققة بشرطين ... الإيمان و نية العمل الصالح , وكل الأعمال الصالحة التي يسعى الإنسان لها بغية وجه الله تعالى يكتب له أجرٌ بها .
مسند أحمد
8407- وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « كُلُّ سُلاَمَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ الشَّمْسُ - قَالَ - تَعْدِلُ بَيْنَ الاِثْنَيْنِ صَدَقَةٌ وَتُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ تَحْمِلُهُ عَلَيْهَا أَوْ تَرْفَعُ لَهُ مَتَاعَهُ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ ». وَقَالَ « الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ ». وَقَالَ «كُلُّ خُطْوَةٍ يَمْشِيهَا إِلَى الصَّلاَةِ صَدَقَةٌ وَتُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ ». تحفة 14700 معتلى 10432
و هناك أمثلة كثيرة منها.
a. المشي إلى المسجد للصلاة.
b. المشي في الجنازة.
c. المشي لعيادة المريض.
و يضاعف الله لمن يشاء و الله ذو الفضل العظيم.
المشي في الجنائز :
للماشي وراء الجنازة مشيعاً أجرٌ عظيم فقد روي عن الرسول صلى الله عليه و سلم ما يلي:
صحيح البخاري
1325 م - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَحَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ شَهِدَ الْجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلِّىَ عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ ، وَمَنْ شَهِدَ حَتَّى تُدْفَنَ كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ » . قِيلَ وَمَا الْقِيرَاطَانِ قَالَ « مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ » . تحفة 13958
كما ورد في سنن الترمذي
1025 - حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجَنَازَةِ. قَالَ الزُّهْرِيُّ وَأَخْبَرَنِي سَالِمٌ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يَمْشِى أَمَامَ الْجَنَازَةِ. قَالَ وَفِى الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ. قَالَ أَبُو عِيسَى حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَزِيَادُ بْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. وَرَوَى مَعْمَرٌ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَمَالِكٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْحُفَّاظِ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَمْشِى أَمَامَ الْجَنَازَةِ. قَالَ الزُّهْرِيُّ وَأَخْبَرَنِي سَالِمٌ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يَمْشِى أَمَامَ الْجَنَازَةِ. وَأَهْلُ الْحَدِيثِ كُلُّهُمْ يَرَوْنَ أَنَّ الْحَدِيثَ الْمُرْسَلَ فِي ذَلِكَ أَصَحُّ. قَالَ أَبُو عِيسَى سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مُوسَى يَقُولُ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ فِي هَذَا مُرْسَلٌ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ أَرَى ابْنَ جُرَيْجٍ أَخَذَهُ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. قَالَ أَبُو عِيسَى وَرَوَى هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ زِيَادٍ وَهُوَ ابْنُ سَعْدٍ وَمَنْصُورٍ وَبَكْرٍ وَسُفْيَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ. وَإِنَّمَا هُوَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ رَوَى عَنْهُ هَمَّامٌ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَشْيِ أَمَامَ الْجَنَازَةِ فَرَأَى بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الْمَشْيَ أَمَامَهَا أَفْضَلُ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ. قَالَ وَحَدِيثُ أَنَسٍ فِي هَذَا الْبَابِ غَيْرُ مَحْفُوظٍ.
مسند أحمد
5053- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ بَكْرٍ قَالاَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَمْشِى بَيْنَ يَدَىِ الْجَنَازَةِ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ يَمْشُونَ أَمَامَهَا. تحفة 6820 معتلى 4175
سنن أبي داوود
عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ تُتْبَعُ الْجَنَازَةُ بِصَوْتٍ وَلاَ نَارٍ ». زَادَ هَارُونُ « وَلاَ يُمْشَى بَيْنَ يَدَيْهَا ».
و المقصود أنْ لا يُمشى أمام الجنازة بنار و الله أعلم.
المشي مع الأب :
من عادات أهل الإمارات أنْ لا يمشي الابن أمام ابيه و لا أمام جده و لا أمام عمّه أو خاله و لا يتقدم الصغير الكبير و أعتقد أنَّ هذا من عادات العرب كلهم, كما لا يدخل الابن قبل أبيه على أي قومٍ في مجلسهم و هذا من باب بر الوالدين و التقدير.
المنهي عنه من المشي :
هناك مشي نهى الدين عنه و هناك مشي نهى العقل و المنطق عنه و فيما يلي أهم ما نهي عنه من المشي:
1. نهى الرسول صلى الله عليه و سلم عن التشبه بالجنس الآخر في المشي.
مسند أحمد.
7054- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَبِى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ حَوْشَبٍ - رَجُلٌ صَالِحٌ - أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ هُذَيْلٍ قَالَ رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي وَمَنْزِلُهُ فِي الْحِلِّ وَمَسْجِدُهُ فِي الْحَرَمِ. قَالَ فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ رَأَى أُمَّ سَعِيدٍ ابْنَةَ أَبِى جَهْلٍ مُتَقَلِّدَةً قَوْساً وَهِىَ تَمْشِى مِشْيَةَ الرَّجُلِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ مَنْ هَذِهِ قَالَ الْهُذَلِيُّ فَقُلْتُ هَذِهِ أُمُّ سَعِيدٍ بِنْتُ أَبِى جَهْلٍ. فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِالرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ وَلاَ مَنْ تَشَبَّهَ بِالنِّسَاءِ مِنَ الرِّجَالِ». معتلى 5422 مجمع 8/102
2. النهي عن مشي المتجبرين ( مشية التبختر ) و المتكبرين.
قال الله تعالى (( وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا )) الإسراء 37
ففي اعتقادي أنَّ هذه الآية تشمل المتجبرين و المتكبرين فعند قول الله تعالى (لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ) فإنَّ الآية تشير إلى المتجبرين فربما دلَّ دَكُّ الأرضَ بالقدمين إلى القوَّة و التجبّر " كما يفعل العساكر في استعراضاتهم العسكرية " .
وعند قول الله تعالى (وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا ) فربما أنَّ الآية تشير إلى المتكبرين إذْ يدل الطول أو تطاول الإنسان في قامته إلى التعالي و التكبُّر و هذا من بلاغة القرآن الكريم . هذا فهمي و الله أعلم بتأويل كتابه الكريم.
كما قال الله جل في علاه في موضعٍ آخر : ((وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ 18 وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ 19 )) لقمان
و قد ذكر ابن كثير في تفسير المشي المذكور في الآيتين بالتالي:
" وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْض مَرَحًا " . أَيْ خُيَلَاء مُتَكَبِّرًا جَبَّارًا عَنِيدًا لَا تَفْعَل ذَلِكَ يُبْغِضك اللَّه
" وَاقْصِدْ فِي مَشْيك " أَيْ اِمْشِ مَشْيًا مُقْتَصِدًا لَيْسَ بِالْبَطِيءِ الْمُتَثَبِّط وَلَا بِالسَّرِيعِ الْمُفْرِط بَلْ عَدْلًا وَسَطًا
و في المقابل امتدح الله مشي المؤمنين فقال جل في علاه:
(( وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا )) الإسراء 95
كما نهى الرسول محمد صلى الله عليه و سلم عن المشية التي تدل على التكبر , فقد ورد عنه ما جاء في:
سنن الترمذي:
2429 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكِنْدِيُّ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِذَا مَشَتْ أُمَّتِى الْمُطَيْطِيَاءَ وَخَدَمَهَا أَبْنَاءُ الْمُلُوكِ أَبْنَاءُ فَارِسَ وَالرُّومِ سُلِّطَ شِرَارُهَا عَلَى خِيَارِهَا ». قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ.
المطيطياء : التبختر و مد اليدين في المشي.
3. المشي بالنميمة.
قال الله تعالى " هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ " القلم 11
و قد ورد في تفسير الجلالين التفسير التالي: "هَمَّاز" عَيَّاب أَيْ مُغْتَاب "مَشَّاء بِنَمِيمٍ" أَيْ سَاعٍ بِالْكَلَامِ بَيْن النَّاس عَلَى وَجْه الْإِفْسَاد بَيْنهمْ .
4. النهي عن المشي بنعال واحد.
موطّأ مالك
1668 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ يَمْشِيَنَّ أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ لِيُنْعَلْهُمَا جَمِيعًا أَوْ لِيُحْفِهِمَا جَمِيعًا ».
5. النهي عن المشي على المؤمن بسلاح
مسند أحمد
8436- وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ يَمْشِيَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَى أَخِيهِ بِالسِّلاَحِ فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِى أَحَدُكُمْ لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزِعُ فِي يَدِهِ فَيَقَعُ فِي حُفْرَةٍ مِنْ نَارٍ ». تحفة 14710 معتلى 10462
6. نهي المرأة أنْ تمشي وسط الطريق.
سنن أبي داوود
5274 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ - يَعْنِى ابْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِى الْيَمَانِ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَبِى عَمْرِو بْنِ حِمَاسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِى أُسَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنَ الْمَسْجِدِ فَاخْتَلَطَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِلنِّسَاءِ « اسْتَأْخِرْنَ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ عَلَيْكُنَّ بِحَافَاتِ الطَّرِيقِ ». فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تَلْتَصِقُ بِالْجِدَارِ حَتَّى إِنَّ ثَوْبَهَا لَيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ مِنْ لُصُوقِهَا بِهِ..
و معنى (( تَحْقُقْنَ الطّريقَ )) أيْ تتوسَّطنَ الطريق.
آمل في آخر مقالي أنْ أكون قد تقرَّبت إلى الله جل في علاه .
استغفره و أتوب إليه
أخوكم / محمد بن سيف العتيبة بو بطي 971554000060+
الخميس 8-11-2012
عزيزي القارئ إذا أردت تنزيل المقال بصيغة بي دي أف فاضغط هنا
|