المدير الـتـنـبـل و المدير الخـفي و العلاقة الـنـفـعـية المتبادلة
عانت الأمة العربية أكثر من الأمم الأخرى من هذه الظاهرة التي لها بالغ الأثر السلبي على الإنتاج و التطور , بل و أدت في كثيرٍ من الأحيان إلى إحباط عمليات التنمية و إفشال المشاريع التقدمية في مراحلها الأولى و التي يبادر بها المبتكرون و المبدعـون . قاد عمليا الإفشال أولـئـك التنابل لأنَّ نجاح الآخرين يعري فشلهم للعيان .
من المعلوم أنَّ المناصب العليا أو ما يطلق عليها المناصب السيادية في العالم يستأثر بها ذوو العلاقات أكثر من ذوي الكفاءة تحت مظلة الانتماءات العرقية و المذهبية و الأيدلوجية بوجهها الخفي و الحزبية بوجهها المعلن , فما بدا على شاشات التلفزيون قبل بضع سنوات من تحول ( كونتليسا رايس ) من مستشارة الأمن القومي لأمريكا إلى وزيرةً للخارجية إثر استقالة ( كولن باول ) من منصبه كوزيرٍ للخارجية . يمثل أبرز مثل على ما أرمي إليه .
فمن المعلوم أنَّ منصب مستشار الأمن القومي يحتاج لتخصص أكاديمي مختلف عن ما يحتاجه منصب وزير الخارجية .
تعريف المدير التنبل و المدير الخفي :
المدير التنبل : هو ( مدير التوقيعات ) و هو عادةً لا يعرف في أي جزءٍ من المعاملة يتوجب عليه التوقيع فيه فتوضع له على المعاملة لزقة مكتوب عليها ( Sign Here ) يقوم بالتوقيع بجانبها .
و المدير التنبل من المحتمل أنْ يكون قد وصل لمنصبه بإحدى الطريقتين التاليتين :
1. إمّا عن طريق الحزبية أو التملق أو الطعن بالآخرين و الجاسوسية . و هذا النوع عادةً ما يكون من ذوي الكفاءات الضعيفة فيتم اللجوء لتلك الوسائل تعويضاً عن الضعـف المهني .
2. و إمّا عن طريق كفاءته و لكنه يتحول بعد ذلك لمديرٍ تنبل .
المدير الخفي : هو ( المدير الفعلي ) الذي يقوم بجميع العمليات من تحت الستار و تظهر للجمهور باسم المدير التنبل و يكون راضياً بذلك لكون درجته الوظيفية متواضعة. و يكون ثمن سكوته و جهده ما يلي :
1. يحصل على المكافآت التشجيعية دائماً و ينال العلاوة الدورية في وقتها و يحصل على ( رسائل شكر و تقدير ) باستمرار و تتم ترقيته كلما جاءت موجة ترقيات .
2. التغاضي عن تقصيره في العمل مثل الإلتزام بالدوام أو الأخطاء في العمل أو البطء أو ... الخ .
3. الشعور بالأمن الوظيفي .
4. بهجة السيطرة و تسيير الأمور كيفما يشاء .
السؤال الذي يطرح نفسه هنا : ما الذي يجعل المدير الذي وصل إلى منصبه و هو كفء يتحوَّل إلى مديرٍ تنبل ؟
المركزية و حب الظهور و طمر الآخرين مع ضخامة حجم العمل , كيف ؟
عندما يكون المدير مركزياً في إدارته و لديه حب الظهور ببدلة الـ( super man ) أمام الجمهور و لديه الرغبة في سرقة جهود المحيطين و سرقة أفكارهم من خلال المناقشات التي يجريها معهم بين الحين و الآخر و تنسيبها إليه يستغل سلطته في إرهاب الموظفين و ابتزازهم بسرقة كل ما يقتنع به . و عندما يعيش المدير في بيئة عمل ضخمة و يكون عاجزاً عن إنجاز الأعمال في الوقت المحدد ............... يتحول المدير إلى تنبل .
في تلك اللحظات يقتنص بعض المتسلقين الوضع فيبادرون بتقديم خدماتهم للمدير التنبل ليحصلوا على النقاط الأربع المذكورة أعلاه . و عادةً يختار المدير التنبل شخص أو شخصين أو ثلاثة ( حسب حجم العمل ) ليكونوا المدراء الفعليين وراء الستار شرط توفر الشروط التالية فيهم :
1. السرية التامة .
2. الإنتماء .
3. الخبرة الطويلة و مقدرتهم على تأدية ما يوكله لهم و في الوقت المحدد .
و بالمناسبة قد يتمادى المدير التنبل في تكليف المدير الخفي حيث يقوم بتكليفه بإنجاز تكليفات خاصة تخص المدير التنبل في شؤونه العائلية أو أعماله التجارية بعدما كان قد اعتاد على تكليفه بإنجاز الأعمال التي تخص العمل و من صلب عمله هو .
و في الحقيقة أنَّ ظاهرة المدير التنبل ظاهرة مستشرية في الكثير من الوزارات و الدوائر في العالم بأسره و في الوطن العربي تبدو جلية مما أسهم في تخلف الأمَّة عن مواكبة التطور السريع و المتلاحق الذي شهده العالم في آخر 100 عام . و في الحقيقة أنَّ الخطر الحقيقي يكمن في مدى تقدير المدير التنبل في اختيار المدير الخفي فإذا كان المدير التنبل موفقاً سيقوم باختيار المدير الخفي الكفء الملائم و لكن الطامة الكبرى إذا كان المدير التنبل غير موفق في اختيار المدير الخفي فيختار الشخص الغبي ليقوم بأعماله و هنا يبدأ تبلور الطامة في شكلها المركّب إذْ يتحول المدير الخفي إلى مديرٍ تنبل و وسيط في آنٍ واحد حيث يقوم باختيار مديرٍ خفي آخر غيره ليوكِـل إليه ما يوكَل إليه هو .
و بهذه الطريقة تتطور العملية لتصبح ذات ثلاث درجات على النحو التالي :
الدرجة الأولى : المدير العام التنبل .
الدرجة الثانية : المدير الخـفي الذي تحول إلى تـنـبـل من الدرجة الثانية .
الدرجة الثالثة : المدير الخفي .
إخواني الكرام أرجو أنْ لا أكون أبهمت أو اختصرت للدرجة التي لم توصل .
و تقبلوا منّي أطيَبَ تحية . أخوكم / بو بطي الاثنين 9/8/2010 م
|