التحرر من الغزو الفكري و الثـقافي و الحضاري
العرب .. و ما أدراك من هم العرب .. ينظر إليهم المسلمون من غير العرب على أنهم أحفاد الصحابة و القدوة الحسنة .. و هم لا يعرفون و لا يستشعرون بنظرة أولائك لهم فلو أنهم أحسّوا بتلك النظرة لكانوا أكثر حرصاً على اتّباع أوامر الإسلام و الانتهاء عن نواهيه .
يتعرض المسلمون بصفةٍ عامة و العرب المسلمون بصفةٍ خاصة لهجومٍ شرس و غزوٍ خبيث و هم لا يشعرون !!
ذلك الغزو الذي لو كان بالدبابات أو الطائرات أو المدافع لأحسّوا به ولكن الغزو الذي يتعرضون له من الخبث بحيث لا يستطيعون إدراكه و فهمه و بالتالي التصدي له و إذا ما أراد أحد الذين في قلوبهم غيرةٌ على الإسلام و فهمُ لما يخطط له الأعداء أن ينبه المسلمين للغزو الخبيث خرجَ له أغبياء هذه الأمة و تـفّهوا من كلامه و قالوا إنما هذه أمورٌ شكليّة !!
إنه الغزو الفكري و الثقافي و الحضاري ..
يريد المسلمون و العرب منهم خاصةً تحرير فلسطين و هم لا يستطيعون تحرير أنفسهم من الغزو الفكري و الثقافي و الحضاري و الذي لا يحتاج إلى رشاشٍ أو دبابةٍ أو غيرها إنما يريد إدراكاً و إرادةً قويّـةً !!
و لكي لا يكون كلامنا مجردات وددنا أن نلقي نظرةً على ماهيّة الغزو هذا ..
فالغزو الفكري هو أن يؤمن المسلم بأفكارٍ غربيّةٍ أو علمانيّةٍ حتى و لو تعارضت مع بعض معتقدات الإسلام , و نورد أمثلةً على ما نقول .. و لكم أن تضربوا الأمثلةَ في قياسها :
- أن يؤمن المسلمُ بضرورة المساواة بين المرأة و الرجل على جميع الأصعدة حتى في الميراث و الشهادة و الأحقيّة في القيادة .
- أن يؤمن المسلمُ بأن الديمقراطيّة هي الأصح و الأصلح ( مع العلم أن هناك تعارضاً بين بعض مبادئ الديمقراطيّة و الإسلام ) .
- أن يؤمن المسلم أنه إذا ما أصبح مديراً فيجب عليه ألاّ يقيم علاقاتٍ مع الموظّـفين ذوي الدرجات الوظيفيّة الدنيا و لا يبتسم لهم و لا يمازحهم من منطلق أن ذلك قد يؤثِّـرُ سلباً على هيبته و مكانته . و لا يعلم أن الرسول الكريم – صلّى الله علية و سلّم – كان يكلّم و يحاكي و يبتسم في وجوه الصغار و الكبار .. العبيد و الأحرار .. الفقراء و الأغنياء .. على حدٍ سواء و يمازحهم أيضاً .
- أن يؤمن المسلم أن الفرصة لا تأتي في الحياة إلاّ مرّةً واحدة فهذا غير صحيح فقد تأتي الإنسان فرصاً عديدة في حياته يكون بعضها أفضل من بعض .
- أن يؤمن المسلم بضرورة موالاة الكافرين من دون المؤمنين في ضوء تفوّق الغرب على المسلمين تكنولوجيّا و عسكرياً و طبياً و .. مع أن هناك آياتً صريحةً في القرآن الكريم تنهى عن ذلك !!
- أن يؤمن المسلم بأنه لا بأس من التعليم المختلط في المدارس و الجامعات و غيرها ..
- أن يؤمن المسلم بأن ( الإنجليزيّة هي لغة العلم ) فلابد من أن تدرّس العلوم في المدارس و الجامعات باللغة الأجنبيّة .. بينما نجد شعوباً كثيرةً في العالم لا تؤمن بذلك كالألمان فهم يدرسون تلاميذهم باللغة الألمانية و تفوّقوا على أمريكا في كثير من المجالات و كذلك اليابانيون و الفرنسيون و كثيرٌ غيرهم ممن اتحدت الإرادة القويّة بعزّتهم و اعتزازهم بلغتهم في أنفسهم فاستحقّوا أن ينظر إليهم بعين الإعجاب ..
- أن يؤمن المسلم أن الـتـبـعـيّـة من شأنها أن توصل إلى الأهداف . ( و قد نهى رسولنا الكريم - صلّى الله عليه و سلّم – المسلم من أن يكون إمَّـعَـة ) .
- أن يعتقد المسلم أنه إذا وصل من قطعه و سلم على من يعرف و من لا يعرف و أحسن إلى من أساء إليه فإنه بذلك يكون ذو شخصيّةٍ ضعيفة و مهزوزة !!
- أن يؤمن المسلمُ بأن تعدد الزوجات من شأنه إيجاد مشاكل في المجتمع و لا يصلح في وقتنا الحاضر .
- أن يؤمن المسلمُ بأن الربا فوائد في ضوء العصر الحديث .
- أن يؤمن المسلم أن كل من يدافع عن عزة الإسلام و كرامته يكون إرهابياً !!
- أن يؤمن المسلم بأن أمريكا على كل شيء قريرة و أنها لو أرادت الإتيان بمن تريد لفعلت و لكنها لا تريد .
- أن يؤمن المسلمُ بأن الإسلام انتشر بالسيف ..
- أن يؤمن المسلمُ بأن كثير من الأمور التي كانت تصلح و صحيحة في صدر الإسلام لم تعد تصلح للوقت الحاضر .
- أن يؤمن المسلم بأن جيش إسرائيل لا يمكن أن يُـهْـزَم
أما الغزو الثقافي و الحضاري فهما أن يسلك المسلم سلكاً لا يمت للإسلام بقدر ما يمت للغرب . و نورد أمثلةً على ما نقول :
- أن يحتفل المسلم بيوم ميلاد أحد أبنائه و يطلق عليه لفظ عيد !! و قس على ذلك كعيد الشجرة و عيد الأم و عيد الزواج ( أي بعد مرور سنة على الزواج ..) و عيد الأسرة و عيد الحب و ما أدراك بعيد الحب .. هو الذي يطلق عليه عيد ( الفـلـنـتينو ) و إنه ليحتاج إلى حديثٍ يدوم لساعتين على الأقل !! ذلك اليوم الذي يتشبّه المسلمون فيه بالغرب فيتبادلون التهاني بالحب بين العشّاق إما بالبطاقات و إما برسائل الهاتف النقال أو بالرسائل الصوتيّة المسجّلة و ما إلى ذلك من وسائل .. ( و قد قال الرسول – صلّى الله عليه و سلّم – لا عيد في الإسلام إلاّ العيدين )
- أن يحتفل المسلم برأس السنة الميلاديّة و يغالي أيضاً بالاحتـفال به إلى درجةٍ تفوق في بعض الأحيان احتفال الغرب به و مما يبعث على الأسى أن لا يعير المسلم أي اهتمام لرأس السنة الهجريّة ( مع أنه ليس مطلوب منه الاحتفال ) بل أنك إذا سألت مسلمًا ما .. في أي سنةٍ هجريّةٍ نحن ؟ تجده لا يعرف .!!
- أن يحتفل المسلم بيوم ميلاده أو ميلاد أحد أبنائه و يتّـبع نفس خطوات الغرب تماما في الاحتفال بأن تكون هناك كيكة و تكون هناك شموع و يكون عدد الشموع بنفس عدد سنوات عمر صاحب الاحتفال و أن تُـغَـنّى أغنية ( سنة حلوة يا جميل .. ) بنفس لحن الأغنية الأجنبيّة ( هابي بيرث دي تو يو .. ) و أن ينفخ على الشموع في نهاية الأغنية كما يفعل الغرب تماماً .. يا للعار!! قرود فالقرد هو الذي يقلّد .
- أن يحلق المسلم رأسه كما يحلق الغربي رأسه .. فتجد في كثير من الأحيان مسلماً قد حلق جوانب رأسه و جعله أكثر غزارةً في أعلاه تشبهاً بالغربيّين فأوّل من ابتدع تلك التحليقة هم الجنود الأمريكان ثم انتشرت في عموم أمريكا ثم انتقلت إلى أوروبا ثم إلى بقيّة العالم و منه الوطن العربي مع العلم أن هناك حديثاً ينهى عن قص الشعر بطريقةٍ غير متساوية ( القزع ) و حديثاً آخر ينهى عن التشبّه بالغرب .
- أن تنادى زوجة المسلم بإلحاقها إلى اسم عائلة زوجها مثل : هيلاري كلينتون فنسمع عن منى غنفات و إسمهان مناسك و قس على ذلك ..!! و الأصل أن تنادى المرأة في الإسلام بإسم أبيها و عشيرتها لا باسم عائلة زوجها فنجد على سبيل المثل و لا أقول المثال : فاطمة بنت محمد و أسماء بنت أبو بكر و خديجة بنت خويلد و آمنة بنت وهب .
- أن يضع المسلم خاتماً في أحد أصابعه ليعبّر للآخرين أنه خاطب مثلا أو متزوّج .. كما يفعل الغرب .
- أن يصـطـحـب المسلمُ زوجته معه إلى ما يسمى بـ ( عشاء العمل ) و يجلسها مع رجالٍ غرباء تتعشّى معهم .
- أن يضع المسلم حلقاً في أذنه أو سلسلةً من ذهبٍ أو فضّة في عنقه .
- أن يكذب المسلم على أخيه المسلم في مطلع شهر أبريل من كل سنة ثم يقول بعد ذلك إنها ( كذبة إبريل ) تشبهاً بالغرب فهم الذين ابتدعوها و نحن الذين مشينا على نهجهم .. يا للأسف !!
- أن يخلط المسلم العربي كلامه العربي بآخر أجنبي لكي يقول للمستمع بطريقةٍ غير مباشرة ( أنا درست في أمريكا ) أو ( أنا مثقّف ) إنها عقدة الشعور بالدونيّة و النقص تجاه الأجانب !! فكثيراً ما نسمع أحد العرب يقول ( أولريدي ) بدلاً من أن يقول ( أصلاً ) و يقول ( تو متش ) بدلاً من أن يقول ( كثير ) و يقول ( إت دبنس ) بدلاً من أن يقول ( يعتمد على ) و يقول ( هاي ) بدلاً من أن يقول ( السلام عليكم ) بل إن بعضهم ذهب به الغباء و الجهل إلى أن يقول ( شلون ) و هو لفضٌ عبري بدلاً من أن يقول ( السلام عليكم ) في الوقت نفسه الذي نجد أحد الإنجليز مثلا يتميّـز غضباً عندما نتكلم معه الإنجليزيّة ثم نخلطها قليلاً بتعمدٍ مع الفرنسيّة فهو يرفض و لا يقبل ذلك و كذلك الفرنسيّون و الأوروبيون بصفةٍ عامة يشعرون بالغيرة على لغتهم .. ونحن في الوقت ذاته لا ندافع عن لغتنا لغة القرآن لغة الحديث الذي لا يتأتّى فهمهما إلاّ من خلال المحافظة على اللغة بل إننا نسعى لهدمها لا شعورياً ليقال عنّا أننا مثـقّـفون
- أن يحلق المسلمون لحاهم عند دخولهم دورةً عسكريّة تشبها بالغرب .. و ما الضير في بقائها و دخول الدورة العسكريّة !! ما لم تكن عقدة التشبّه بالغرب !!
- أن يبقي المسلم قليلاً من العصير مثلاً في قاع الكأس عند انتهائه من شرب العصير .. لأن ذلك من الإتيكيت !!
- أن يأكل المسلم بالشوكة و السكّين و أن يقبض السكين بيده اليمنى و الشوكة بيده اليسرى خصوصاً إذا حضر مأدبة عشاءٍ مع بعض الأوربيين كي لا يقال عنه أنه لا يعرف الإيتيكيت الغربي الأوروبي المتحضّر ..
و قد أسهمت وسائل الإتصال الحديثة إسهاما قوياً و سريعاً في تمكين الغرب من غزونا فكرياً و ثقافياً و حضارياً و قد ساعد في ذلك جهل الأمة بخبث و ألاعيب الغرب الذين يقودهم الصهاينة .. و من أبرز وسائل الغزو ما يلي :
1. بعض المدارس الخاصة و لا أقول كلها ممن يعمد إلى المسيحيين في تدريس أبناء المسلمين .
2. الدشات و القنوات الفضائيّة الغربيّة .
3. بعض المقالات التي تكتب بالجرائد و الصحف الأجنبيّة .
4. الإحتكاك المباشر بين المسلمين و الغربيين و الحوارات التي تدور بينهم في ضوء علاقة صداقة !! أو علاقة عمل ..
5. الإنترنت
6. بعض المسلسلات و التمثيليات و المسرحيات العربيّة الذين تأثّر كـتّابها بالأفكار الغربيّة .
7. سفر المسلمون إلى بلاد الغرب ( للعلاج أو السياحة أو العمل أو .. )
8. ندب الطلبة المسلمين للدراسة في الجامعات الغربيّة وما ينجم عن ذلك من تغذيتهم بأفكارٍ و معتقداتٍ غربيّة .. يعودون بعد ذلك ليطبقوها في بلاد المسلمين ظنناً منهم أن تلك الأفكار ستسهم في تقدم و تحضّر المجتمع .
9. بعض الخونة من العرب الذين يلبسون ثياب المسلمين و يمشون بينهم و يدسون السم في الدسم ببثهم الأفكار الغربيّة .
إن أول خطوةٍ لتغـيـير الواقع و التصدي للغزو هو أن يعرف المسلم أنه يتعرّض للغزو ,, ثم يعرف أساليبه و وسائله ثم يُجَمِّـع أشلاء الإرادة العربيّة الإسلامية المتـناثرة و يعمل على توحيد الصفوف للتصدي للغزو و من أهم مقومات نجاح الإنسان و وصوله لأهدافه هو أن يثـق في نفسه أنه بمشيئة الله قادر و يقدر و يثـق في إمكاناته و يثق بالله أنه سينصره إذا كان على الصواب ( و لينصرن الله من ينصره ) ,. |