أسباب رخص المنتجات الصينية
ترجع أسباب انخفاض أسعار المنتجات الصينيَّة إلى عدَّة أسباب و هي كما يلي :
-
توفر المواد الخام الصينيَّة لمعظم المنتجات من الأراضي الصينيَّة أيْ إنها رخيصة و لا توجد تكلفة شحن مرتفعة .
-
رخص الأيدي العاملة .
-
النظام الاشتراكي القاضي بمجانية الصحة و التعليم و رواتب للعاطلين و بالمقابلة لذلك يتم تشغيل من يستطيع في المصانع مقابل فروق بسيطة .
-
رخص الطاقة الكهربائية و توليدها من المحطات النووية و الأنهار و الرياح .
-
عدم الإنفاق على " البحث و التطوير " بالدرجة التي تتناسب مع ضخامة المنتجات الصينيَّة و التعويض عن ذلك بسرقة الغربيين و السرقة تكون كالتالي :
-
التكنولوجيا الحديثة : كل ما يتعلق بالإلكترونيات و أساليب التصنيع و غيرها .
-
التصاميم جميلة : كأن يشترون أثاث إيطالي و يقومون بإرساله للصين حيث يقومون باستنساخه هناك و زجه في الأسواق العالمية بأسعار لا تقبل المنافسة .
-
الأفكار الجديدة : في اعتقادي الراسخ أنَّ الأوروبيين و الأمريكان ذوو عقليات خلاّقة و مبدعين بما تحتويه الكلمة من معنىً كامل , تقوم الصين بإرسال جواسيس لسرقة آخر الأفكار الجديدة من خلال المعارض التي تقام في شتى أنحاء العالم لجميع القطاعات الإنتاجية .
-
إتباع سياسة تحطيم المنافسين بتصدير منتجاتهم للعالم و لو بسعر التكلفة أو حتى أقل وذلك لفترةٍ محددة قد تطول أو تقصر اعتماداً على مدى تحقق الأهداف . و ما ينتج عن ذلك كانعكاسٍ طبيعي تعريف المستهلك بماهيَّة المنتج الصيني .
-
اعتماد الصناعة الصينيَّة على تقليل جودة و كفاءة المنتجات للتوفير و بالتالي انخفاض التكلفة الإنتاجيَّة .
و سأركز في حديثي اليوم على النقطة الأخيرة .
يشكل الحديد 34% من القشرة الأرضية و يشكل صلب أي صناعة في العالم , فلا صناعة بلا حديد , و يشكل الحديد العمود الفقري للصناعة الصينيَّة و يدخل في 80% من المنتجات و متوسط نسب تمثيله في المنتج لا تقل عن 75% .
يجرنا هذا إلى محاولة الصين التخفيض في تكلفة استخراج و تنقية الحديد ( هنا اللعبة ) كيف ؟
تُـسـتـخرج المعادن في الصين من المناجم كمصدرٍ أساسي و كما نعلم فإنَّ الحديد لا يكون صافياً بل يكون مختلطاً بمعادن أخرى و إنَّ عملية تصفية الحديد تعتمد على تباين درجات الانصهار للمعادن الخليطة فعلى سبيل المثل : درجة انصهار الحديد Fe2 هي : 1,539 درجة سيليزية و النيكل Ni هي 1,455 و الكوبالت Co هي 1,495 و النحاس Cu هي 1,084 و التيتانيوم Ti هي 1,668 و الرصاص Pb 327 .
عملية التصفية تعتمد على صهر كتلة المعادن المستخرجة من المنجم و إخراج مرازيب من المصهر ( الفرن ) , كل مرزاب يصب في خزان مختلف و من ثم يتم رفع درجة الحرارة تدريجياً فالمعدن الذي درجة انصهاره أقل من غيره ينصهر أولاً و يخرج من المصهر بمرزابٍ معين إلى خزاّنه . تعاد هذه العملية لضمان صفاء أكبر .
إنَّ هذه العملية مكلفة جداً . في معظم المصانع الصينية لا يُستخدم الحديد الصافي أو أي معدنٍ آخر بصفاوته بل يتم صعر كتلة المعادن المستخرجة من المناجم و صبها مباشرةً في قوالب .
ما انعكاس ذلك على الجودة ؟
هناك مصطلح في الكيمياء اسمه (( درجة التصلّد )) و هي أقل درجة انصهار لمعدنٍ ما نتيجة اختلاطه مع معدن أو معادن أخرى . لتوضيح الفكرة :
درجة غليان الماء هي 100 درجة سيليزية و لو افترضنا أنك أردت أنْ تسوى قهوة . فإنك تسخن الماء وقبل غليانه تضيف مسحوق القهوة , ماذا يحدث ؟ يغلي الماء قبل وصول الماء درجة غليانه في حالة صفاءه ( 100 درجة ) حيث يغلي من درجة 80 سيليزية تقريباً , لماذا ؟ لأنَّ الماء تغيرت حالته من صافي إلى خليط .
بالنسبة للحديد مثلاً .. فإنَّه ينصهر عند درجة 1,539 هذا في حالة أنَّه صافي و لكن عندما يكون مخلوطاً بمعادن أخرى فإنَّ درجة انصهاره قد تنخفض لتصل إلى 600 درجة سيليزية لذلك تجد مسمار الدريل الصيني يذوب بمجرد أنك حاولت ثقب الجدار فهو لا يعمر أماّ المسمار الألماني مثلاً فيعمر طويلاً لأنه من حديدٍ صافي . لهذا السبب تجد علبة مسامير الدريل الصينية بـ 10 دراهم و تجد المسمار الواحد الألماني 35 درهم !!
يمكنك جر هذه النقطة على كل ما يخطر ببالك من منتجاتٍ صينيَّة .
إنَّ سياسة معظم المصانع في الصين هو تعمد صنع منتج ذا جودةٍ منخفضة لكي لا يدوم أي يخرب بسرعة فيقوم المستهلك بإعادة الشراء مرة أخرى و هكذا يكون المستهلك في دوامة لا يخرج منها أبداً .
تلك السياسة و التي أستطيع أنْ أطلق عليها " إحدى السياسات التسويقية " تعتمد على استثمار جهل الزبون . ولكن ليس دائماً و لا مع كل الشعوب .
و في النهاية يجرني الموضوع لتذكر المثل البريطاني القائل :
(( أنا لست غنياً لأشتري شيئاً رخيصاً ))
(( I am not so rich to buy something cheap ))
فالثقافة الأوروبية عموماً تملي على الأوروبيين شراء المنتج ذا الجودة العالية ليدوم طويلاً حتى و لو غلا بعض الشيء فالمعروف على معظم الأغنياء بحثهم عن الرخيص لأنهم لا يكترثون كثيراً بالعمر الافتراضي للمنتج , و يذكرني المثل البريطاني بالمثل الإماراتي :
(( خذ رخصه و عق نصَّه )) عق يعني إرمِ
مع بالغ شكري و تقديري لكونكم قرأتم مقالي لنهايته
محمد العتيبة بو بطي الأربعاء 13-8-2008 م |