الأصالة و المعدن الطيب

الأصالة و المعدن الطيب

 

لفظان لكلٍ منهما معناه , يعتقد معظم الناس أنَّ الأصالة تعني الإنتساب إلى العائلة و القبيلة و لو أنهُّ لا تعارض بينهما و لكن الأصالة تعني في معناها الدقيق مدى معرفة الإنسان للأصول المتعارف عليها عند المحافظين من الناس و تطبيقها فعلى سبيل المثل الأفعال التالية تدل على الأصالة :

  1. استلام الأشياء من الآخرين أو تسليمها باليد اليمنى .
  2. عدم مغط القدمين في المجالس أمام الجلوس .
  3. توصيل الضيف عند مغادرته إلى أبعد مكان يمكنك الوصول إليه معه كأن توصله لباب سيارته .
  4. إذا كنت تمشي مع أبيك أو أخيك الذي يكبرك سناً فلا تتجاوزهما و لا تتقدمهما و إذا دخلت معهما مجلساً فلا يجوز أنْ تدخل قبل أبيك و لا يجوز أنْ تشرب القهوة قبله و ما إلى ذلك .
  5. إكرام الضيف بإجلاسه في صدر المجلس و إفساح الحديث له أكثر من الزوار الإعتياديين و ما إلى ذلك .

 

الأمثلة كثيرة و لكنني أردت فقط أنْ أوضح ما أعنيه بكلمة الأصالة .

إنّ الأصالة لا تعني النسب الرفيع كما أنَّ النسب الرفيع ليس بالضرورة يعني الأصالة , فمن المحتمل جداً أنْ تجد في إنسانٍ عاديٍ صفات الأصالة و تقول هذا الرجل فعلاً أصيل . كما أنَّه من المحتمل كذلك أنْ تجد إنساناً ذا نسبٍ رفيع و من عائلةٍ معروفه يجهل أبسط الأمور التي تدل على الأصالة أو إنَّه يعرفها فيطبقها مع ناسٍ و لا يطبّقها مع ناسٍ آخرين و هنا تدخل دوافع أخرى تـنـحـو بهذا الإنسان إلى عدم تطبيقها مثل التكـبّـر في المقام الأول و العياذ بالله أو المرض الجسدي أو النفسي عافانا الله أو انشغال الفكر في أمورٍ أخرى فتجد أنَّ الجسم حاضر و العقل شارد و هذا يمكن اكتشافه بسهولة و تمييزه عن التكبر و المرض .

فكم من ذي قبيلةٍ معروفة ليس أصيلاً و كم من أصيلٍ و هو من عامة الناس البسطاء .

إلاّ أنّ الأعم هو الإمتزاج حيث أنَّ  سيدي محمد بن عبد الله الهاشمي رسول الله صلى الله عليه و سلّم و خير خلق  الله جل جلاله  رجلٌ ذو نسبٍ رفيع و هو في ذات الحين أصيل .

 

و الجدير بالذكر هنا أنّ شمائل الأخلاق كثيرة مثل : الكرم و الشجاعة و العفو خصوصاً عند المقدرة و المروءة و النبل و الوفاء و الصدق و حفظ الأمانة و الحلم و البشاشة و الرحمة و اللطف و سعة البال و غيرها ... إلاّ أنَّ الصفة الوحيدة التي تدل على الأصالة و المعدن الطيّب معاً هي صفة (( الوفاء )) و الوفاء يمكن الإستدلال عليه بحنين الإنسان إلى الماضي ( أشخاصاً و أحداثاً و أماكناً عاش فيها أو تردد عليها يوماً ما ) , فإذا رأيتَ إنساناً يحن إلى الماضي فاعرف أنّه وفي .

كما لا يفوتني .. أنّ موضع ( رد الجميل ) من الوفاء كموضع القلب من الجسد . فلا الجسد يحيا بلا قلب و لا الوفاء بلا رد الجميل .

 

المعدن الطيب

 

المعدن الطيب أصعب اكتشافاً من الأصالة فالمعدن الطيبْ لا يكونُ بَـيِّـناً إلاّ عند حكّه كالذهب تماماً فالذهب الذي تعلوه الأتربة و غيرها لا يمكنك معرفته إلاّ عندما تسحله بمسحل فيظهر لك بريقه .

و من التجارب التي خاضها الإنسان أنْ يحب إنساناً و يخلص له و عندما يمر بأوقاتٍ عصيبه يتلفت حوله يميناً و يساراً فلا يرى من أحب , بل يجده لاذ بالفرار و في ذات الحين لربما يجد إنساناً آخر يقف بجانبه في محنته كما لا يقف الأخ مع أخيه بل أكثر . سبحان الله .

إنَّ للمحن التي يمر بها الإنسان فوائد كثيرة مثل :

  1. إعادة الحسابات .
  2. الرجوع عن المعاصي و التوجه لله عز و جل .
  3. تراكم الخبرات ( لا يلدغ المؤمن من جحرٍ مرتين ... اللهم صلي و سلّم و بارك على سيدي و حبيبي محمد )
  4. معرفة المعادن الرديئة من المعادن النفيسة .

و النقطه الأخيره هي محور الحديث ففي الأوضاع العادية يصعب على الإنسان معرفة محيطه من الكم الهائل من البشر و الأوضاع العصيبة هي المحك , و في هذا السياق أتذكَّر بيت الشعر لسيدنا على ابن أبي طالب رضي الله عنه و أرضاه القائل :

 

ما أكثر الأصحابَ حين تعدهم

***

لكـنَّـهم في النائـباتِ قليلُ

 

وكما قال أحد الشعراء :

جزى الله الشدائـدَ كـلَّ خـيرٍ

***

وإن كانت تغـصِّصُني بِريقـي

وما شُـكـري لهـا  إلاّ  لأني

***

عرفت بها  عدوي من صديقي

 


مقالي يعبّر عن اعتقادي و اعتقادي قد يتغيَّـر يوماً ما لأسبابٍ مقنعة و لكن إلى هذه اللحظة أعتقد بصحة اعتقادي و إذا كان لك أخي القارئ رأيٌ مغاير فلا تتردد بالرد على المقال من خلال الضغط على أيقونة (( راسلني )) أدناه و أنا داعي الدعاة إلى إرساء أسس حرية و عدالة و احترام التحاور الهادف .

أخوكم / بو بطي .   23-2-2010 م

تعليقات زوار الموقع على المقالة
   

 زوار اليوم:

235

 العدد الكلي:

987005

الرئيسية ::الشعر ::المقالات ::المؤلفات ::أفكار ::سجل الزوار ::صور ::مواقع ::استطلاع ::إحصاءات ::فيديو ::راسلني

© جميع الحقوق محفوظة لموقع الشاعر محمد بن سيف العتيبة 2024 الموقع الفرعي